المواطن24
يقول المهاتما غاندي (إذا تم رد الإساءة بالإساءة فمتى ستنتهي الإساءة؟) .. كثير ما نتعرض للإساءة من بعض الأشخاص وتقع في أنفسنا موقعاً مؤلما ومؤذيا وقد يصعب علينا نسيانها.. وقد نلتوي وجعا وتقطر قلوبنا دما وتذرف أعيننا دمعا ساخنا يغرق وسائدنا من وقعها.. وقد نأخذ وقتا طويلا ونحن لا نبرأ مما يتردد في النفس من الانزعاج والتعب النفسي..
بعضنا يفكر جدية في رد الإساءة بأشد منها ويحلف بأغلظ الإيمان بأنه سينتقم أشد الانتقام حتى يعرف الطرف الآخر من يكون ليوقفه عند حده وليجعله فرجة للناس حتى لا يتجرأ مرة أخرى عليه.. والبعض يتلقى الإساءة ويغرق في مآسيه ويجر الهم تلو الهم وحينما يتذكر الإساءة تفور المشاعر فيه وتغلى لكنه لا ينتقم بل يوجه نظره للسماء ويدعو على المسيء بالشر. وكلا النوعين من الناس يعيش بؤسا ومشاعر طاحنة تكاد تفتك بالروح..
أحدهم يتحين الفرصة لينتقم والآخر يجر موالا ونواحا داخليا لا ينتهي.. والحقيقة أن كليهما استبد به ظلم نفسه والإساءة إليها.. فمن يعش تلك المشاعر فكأنما يعيش حربا لا تهدأ ولا تستكين فكيف لمن يحمل هذه المشاعر أن يركز على جمال الدنيا واللحظات الممتعة؟ وكيف يمكن له أن يستمتع بالأجواء من حوله؟ وكيف يمكن أن يقضي الأوقات مع أناس يضحكون ويمارسون الحياة العادية وهو يفور ويغلى؟ لن يستطيع وفي النهاية هو الخاسر الأكبر فهو علاوة على ما تعرض له من إساءة فقد زاد الطين بلّة بالقضاء على البقية الباقية من نفسه وغلفها بمشاعر سلبية مقيتة. هناك منهج رائع للتعامل مع المسيء ينبثق من الأخلاق التي تربيت عليها والدين الذي كبرت به والإنسانية التي جُبلت منها .. فلا ترد الإساءة بمثلها.. تغلب على ما تراودك به نفسك ودع من أساء لك للأيام فهي كفيلة به.. المهم أن تعمل على أن تتخلص من كل ما هو عالق في روحك.. تعرضت للإساءة عشت وضعا معينا تألمت بما يكفي..
ضع نقطة في آخر السطر وانتهينا.. إلى هنا ويكفي.. أقلب الصفحة وادفع بالتي هي أحسن وتأكد بأنك لست ضعيفا بل أنت قوي لأنك استطعت مواجهة فعل الشيطان فيك وتغلبت عليه.. وتأكد أنك ترفع من شأن نفسك حينما لا تترك إساءة الآخرين تؤثر عليك.. ثق في نفسك وقوي من عزاءمك واهتم برفع روحك المعنوية فليس ما تُرمى به هو حقيقة لذلك ارفع رأسك عاليا.. واستمر في النظر للأمام.. ولا تترك التراكمات النفسية تعيق حركتك بل انبذها بعيدا وعش بالطول والعرض ولا تعطي انطباع المنكسر الضعيف المنهزم المغلوب على أمره.