لحسن كوجلي : مجرد رأي
في كل ظهيرة أذهب فيها إلى المدرسة لاصحاب ابنتي نحو المنزل، يخطف نظري مشاهد المتعلمين يخرجون من مؤسستهم و في أيديهم قطعة خبز، بداخله عدس او حوت، يشرعون في تناولها وهم نحو ديارهم مسرعين.
بعدها علمت اعقاب تساؤل، ان تلك القطعة التي لا تتعدى احيانا ربع رغيف صغير، فهي تلين لها نفوس التلاميذ، وتخفف عنهم اثر جوع اربع ساعات ونصف من زمن الدراسة المتواصلة.
مشاهد من هكذا صور ، يقشعر منها جلدي، وتاخدني في رحلة نحو ماضي سبعينيات القرن الماضي، زمن كنت ادرس في مستوى ابنتي سرور، قسم التحضيري ، تاريخ المغرب القديم الراقي، بالضبط سنة 1975، يوم كنت ابكي في القسم لعدم قبولي في التسجيل بالمطعم، بدعوى ان والدي يملكان بقرتان، لكن بكائي دفع الادارة للترجع عن موقفها خصوصا واني كنت الوحيد الذي تم اقصاءه من بين كل زملائي بدوار أيت اعزى البلان، على بعد حوالي كيلومترين من المدرسة.
ثمن الاشراك بالمطعم، كان آنذاك عشرون سنتيما، دفعتها وصرت من المسجلين. الجميل في ذلك الماضي، ان كل الامور كانت تمضي بشكل جميل جدا، رغم قساوة الدهر انذاك، و البعد عن المدرسة ، وغياب الامكانيات ، وفقر الدولة مقارنة مع اليوم ،كنا نستمتع بمطعم مدرسي من الطراز الرفيع، وجبات رائعة ومتنوعة، حليب، بيض، زبدة، جبن، كونفتير، حوت، عدس، فصوليا، لحم، الى غير ذلك من مواد…
إضافة إلى ذلك كنا نتناول الوجبات داخل المطعم تحت انظار حراسة اطر المؤسسة بكل نظام وانتظام، رغم ان عددنا كان كثير جدا مقارنة بما تتسع له جل مدارس اليوم.
حاليا، تغير الوضع نحو الاسوأ رغم توفر كل ظروف النجاح والتطور، امكانيات مادية موجودة، عدد المتعلمين قل، اطر برواتب محترمة، زمن مدرسي اقل ساعات. رغم كل ذلك، اختفت مظاهر الاعتناء بالمتعلمين، مطاعم بسوء الطبائع، خبز وحوت معلب وعدس، يتم تهييئه وسط قطعة خبز ومده للتلميذ في يده واخراجه لتناوله في الشارع اما جريا او مسرعا او الاحتفاظ به الى حين وصوله للبيت.
مشاهد، صراحة لا تليق بمغرب متقدم، كان المفروض فيه اعتناق اساليب راقية واكثر نموذجية في التعامل مع الناشئة..