عبد الهادي الناجيأطلق العلماء والمفكرون الافارقة في اختتام مؤتمرهم الثاني الذي دام ثلاثة أيام بموريتانيا رؤية استراتيجية جديدة للتصدى للتيارات الظلامية والحركات الارهابية خاصة في القارة السمراء حيث تتسع خارطة الارهاب وتدفع المجتمعات الافريقية ثمنا باهظا من أمنها وتنميتها جراء تفاقم الخطر الارهابي. وتأتي مخرجات وتوصيات المؤتمر الثاني للعالم الافارقة بموريتانيا متناغمة مع الشعار الاخاذ الذي تم اختياره بعناية فائقة للمؤتمر من طرف جهة التنظيم وهي منتدى ابوظبي لتعزيز السلم بالتعاون مع الحكومة الموريتانية وهو “بذل السلام للعالم” ، حيث تطارح العلماء والمفكرون الافارقة على مدى ثلاثة ايام اشكاليات السلم والسلام ومخاطر الارهاب والتطرف وخطابات الكراهية ومخاطر الاجندات والافكار الظلامية على حاضر مستقبل القارة الافريقية وشدد المؤتمر على ضرورة تضافر جهود النخب الافريقية من علماء ومفكرين وكتاب وصناع رأي وساسة وحكومات من أجل التصدي لخطر الارهاب واشاعة ثقافة السلم والتسامح في مجتمعات القارة التي عرفت بالتسامح والتصالح مع ذاتها عبر تاريخها. وفي كلمته أمام المؤتمر أكد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني على أهمية مبادرة منتدى أبوظبي لتعزيز السلم بتنظيم مثل هذه المؤتمر الذي يعول عليه كثيرا بعد الله تبارك وتعالى في تصحيح المفاهيم وتنقية الشوائب ننظرا لما سيتمخض عنه من خطط عمل واستراتيجيات وتوصيات مستنيرة وما سينشأ عن صداه من مبادرات نظيرة في إفريقيا والعالم عموما، سيسهم بحول الله وقوته في بذل السلام للعالم وإشاعة روح التسامح والانفتاح على نحو تجف فيه منابع العنف والتطرف.وأكد الرئيس الموريتاني أنه “نظرا لتعقد ظاهرة التطرف والإرهاب بحكم تشابك عواملها المتعددة، فقد تبنت الجمهورية الإسلامية الموريتانية، في مواجهتها استراتيجية مندمجة ومتكاملة لم تقتصر على البعد العسكري والتنموي فقط، بل شملت كذلك بعدا فكريا هو محور أساسي في بنيتها العامة، إذ التطرف في الأفكار هو غالبا منشأ التطرف والعنف في الأفعال، فالفكر المتطرف يجد في هشاشة الأوضاع الاجتماعية والظلم والفقر والجهل والبطالة، بيئة مواتية للنمو والانتشار في الجسم الاجتماعي خاصة في فئة الشباب ليتحول على إثر ذلك إلى عنف إرهابي فعلي هادم وفتاك.وشدد الرئيس غزواني على صحة الرأي القائل أن الانتصار على الإرهاب يستلزم ضرورة كسر شوكته العسكرية وكذلك حرمانه من بيئة مواتية بالعمل على مكافحة الجهل والبطالة والفقر وعلى إقامة دولة قانون راسخة الأساس وبناء تنمية شاملة مستديمة، ولكنه يتطلب كذلك في المرتبة الأولى، العمل على تنقية العقول من بذور التطرف الفكري بإشاعة ثقافة السلام والمحبة والإخاء وبنشر قيم الدين الإسلامي الحنيف من تسامح ووسطية وإخاء والذب عنها في وجه قراءات منحرفة وتأويلات منحرفة.وفي ذات السياق تنزلت الكلمة التأطيرية لرئيس المؤتمر سماحة الشيخ عبد الله بن بيه رئيس منتدى أبوظبي لتعزيز السلم في المجتمعات المسلمة حيث تم اختيار شعار خاص للنسخة الثانية من المؤتمر وهو “بذل السلام للعالم” لإبراز ما تحمله كلمة السلام من دلالات تحث على المحبة والتعايش والإخاء وكلما يؤدي إلى الخير.وأشار إلى أن اللقاء يطمح للقيام بعمل جاد للسلام، مشيرا إلى أن الأسئلة التي يجب أن تطرح هي كيف نوقف دائرة التطرف والعنف والإرهاب.واستعرض رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، ما يجب أن يقوم به العلماء والحكومات والشباب في هذا الإطار من توجيه ونصح وإرشاد وتنمية تقضي على الجهل والتخلف وتخلق فرص العمل.وقال إن ما حظي به إعلان انواكشوط الصادر سنة 2020 من تثمين من جهات عديدة وعلى رأسها الاتحاد الإفريقي الذي تبناه في قمته، يدل على أن هذا المؤتمر يسير في الاتجاه الصحيح، مشيرا إلى أن هذا التقدير يعكس المكانة التي تحظى بها موريتانيا في محاظرها وحواضرها وفي ماضيها وحاضرها .وشكر سماحة الشيخ بن بيه موريتانيا على استضافتها لهذا المؤتمر الهام الأمر الذي تقدره وتثمنه دولة الامارات العربية المتحدة التي تدعم كل جهود السلام والمصالحات في العالم وبخاصة إفريقيا انطلاقا من رؤية ثابتة بأهمية التعايش والتصالح في مختلف دول العالم.وخرج المؤتمر الافريقي الثاني للعلماء الافارقة بموريتانيا بحزمة من التوصيات الهامة من ابرزها ما يلي : ـ التأكيد علي الحاجة إلي مواصلة البحث عن خطاب جديد مقنع ومقاربة متجددة تفتح الآفاق وتقترح الحلولـ استحداث لجنة للحوار والمصالحات والتنمية تجمع بين الحكماء والوجهاء والعلماء في كل بلد من بلدان المؤتمر.ـ إنشاء وتنظيم قوافل السلام، خاصة في البلاد التي تعاني الحروب الأهلية، وتتكون من الأئمة والوجهاء من مختلف العرقيات.ـ ضرورة أن يصحب هذا الجهد الفكري جهد تنموي يعمل علي مساعدة المتضررين وتشغيل العاطلين وتعزيز دور الدولة الوطنية.ـ الإشادة بنموذج الإمارات العربية المتحدة في دعم جهود السلام والمصالحات في كل دول العالم.تأسيس جائزة إفريقيا لتعزيز السلم لتكون تشجيعا وتقديرا لمن لهم إسهامات بارزة في مجال السلم والمصالحات في القارة الإفريقية.ـ تأسيس منصة إلكترونية تفاعلية لمتابعة التوصيات والاقتراحات وبلورة الأفكار.ـ تأسيس مقر رئيسي للمؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم بالعاصمة نواكشوط، يعني بتعزيز السلم وبث قيم التسامح والتعايش في إفريقيا ودول الساحل.ـ تشجيع وتكثيف لقاء القيادات الدينية بغية إبراز أن الدين يبني الجسور بين الثقافات ويحقق الأمن والاستقرار.ـ تكوين لجان تربوية لإعداد برامج تعليمية لمكافحة أفكار التطرف والغلو.ـ عقد شراكات بين المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم والمؤسسات الدينية والجامعية الحكومية والخاصة الإقليمية والدولية لتفعيل ومتابعة وتنفيذ مضامين إعلان نواكشوط 2020م.ـ نشر مخرجات ومضامين هذا الملتقي عبر شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام في مختلف دول القارة وبمختلف اللغات الإفريقية.