نجيد كباسي
قدم مركز التفكير الاستراتيجي والدفاع عن الديمقراطية يوم الأربعاء 16 مارس 2022، تقريره النهائي بشأن الانتخابات العامة التشريعية والجهوية والجماعية التي أجريت دفعة واحدة في الثامن من شتنبر 2021، والذي تضمن نتائج مخرجات الملاحظة المحايدة والمستقلة للانتخابات التي أجراها منذ الإعلان عن موعد الانتخابات، ثم بدأ عملية تسجيل الناخبين مرورا بالحملة الانتخابية وحتى اعلان النتائج.
وهكذا تضمن التقرير توصيات المركز الى صناع القرار مركزيا ومحليا، والى السلط القضائية والتشريعية والتنفيذية، والى القائمين على المؤسسات الوطنية وممثلي السلك الدبلوماسي المعتمد بالمغرب، بالإضافة الى منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان الدولية والوطنية والمحلية، لكي تطلع عليها وتأخذ علما بنتائجها ومخرجات عملها الميداني، الرامية الى رفع منسوب الثقة في العملية الانتخابية وتطوير النظام الانتخابي بما يكفل تعزيز الضمانات القانونية ويرسخ دورية الانتخابات وانتظامها ونزاهتنا بما ينسجم مع المعايير الدولية بشكل عام، ويرفع من المشاركة السياسية خاصة للفئات موضوع الملاحظة:
نساء وشباب واشخاص في وضعية إعاقة. ولقد أعاد التقرير التذكير بمجموعة من التوصيات التي وردت في تقريريه النهائيين حول الانتخابات الجهوية والجماعية والتشريعية لسنتي 2015 و2016 باعتبارها لا تزال قائمة حتى كتابة هذا التقرير، والتي من شأنها تجويد التجربة المغربية في تنظيم الانتخابات بما يستجيب للمعايير الدولية للانتخابات النزيهة، في سعي حثيث لتعزيز ثقة الناخبين والمرشحين في المسار الانتخابي، ويتيح مشاركة أوسع للمواطنين في العملية السياسية وإدارة الشأن العام، وذلك تنزيلا لما أقرته الوثيقة الدستورية لسنة 2011.
وواضح التقرير أن المغرب عمل على تطوير نظامه الانتخابي مع كل استحقاقات انتخابية يخوض غمارها بما يرتقي بها الى التجارب المماثلة في الدول الديمقراطية، وبما يستجيب المعايير الدولية والاتفاقيات التي ثادق عليها وخاصة مقتضيات المادة 25 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي تنص في الفقرة 21 “على الرغم من أن العهد لا يفرض اتباع أي نظام انتخابي خاص، يجب الحرص على أن تراعى في أي نظام يؤخذ به في دولة من الدول الأطراف الحقوق المحمية بموجب المادة 25 من العهد وأن تضمن وتنفذ حرية الناخبين في التعبير عن مشيئتهم”.
واعتبر التقرير أن استحقاقات الثامن من شتنبر 2021 هي الثالثة من نوعها منذ صدور دستور 2011 حيث نظمت في سياق إقليمي ودولي تتجه فيه الأنظار إلى المغرب كقوة صاعدة، تتخذ قراراتها بشكل سيادي في سياق طبعته جائحة كورونا التي ارخت بظلالها على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في مختلف ارجاء المعمور.
ومعتبرا أن هذه الانتخابات قد مرت في ظروف جد مواتية ولم تشهد احداثا من شأنها التأثير على السير العام للعملية الانتخابية حيث تابعها أزيد من 5000 الاف ملاحظ من داخل المغرب، و129 ملاحظا أجنبيا، وتم الحرص على نزاهة عمليات الفرز والإحصاء بحضور ممثلي لوائح الترشيح بكل حياد وشفافية ونزاهة ومن أبرز نتائج ذلك هو مؤشرات نسب المشاركة المرتفعة في انتخاب أعضاء مجلس النواب، ومجالس الجماعات والمقاطعات، ومجالس الجهات على الصعيد الوطني حيث بلغت نسبة 50.18 في المائة.
ونبه التقرير الى أنه رغم التدابير الجديدة التي أقرها المشرع لتعزز احترام الحق في التصويت والحق في الترشح للانتخابات، وضمان المساواة وتكافؤ الفرص تصويتا وترشيحا للنساء، الا أنه يمكن التنصيص على تخفيض سن التصويت والترشيح وسن تدابير ايجابية لفائدة الشباب والأشخاص في وضعية إعاقة كما هو الشأن بالنسبة للائحة الجهوية للنساء بهدف رفع نسب مشاركة هذه الفئة التي أصبحت تنخرط بشكل أكبر في العملية السياسية.
وبشأن متابعة التوصيات السابقة اظهر التقرير أنه من بين أزيد من سبعة وثلاثين توصية قدمتها التقارير النهائية لمركز التفكير الاستراتيجي والدفاع عن الديمقراطية لانتخابات 2015 و2016 ، بقيت حوالي 20 توصية حُقق فيها تقدم ملحوظ، في حين بلغ عدد التوصيات التي لم يطرأ تقدم كبير بشأنها حولي 17 توصية، منها ما يتعلق بأهمية ضبط وتحيين المعلومات الخاصة بالتسجيل في اللوائح الانتخابية وملائمتها مع قاعدة المعطيات الرقمية وبشبابيك الارشاد بمراكز التصويت، وتلك المتعلقة بالحياد السلبي للإدارة الانتخابية في ضبط بعض المخالفات الانتخابية والناتج أساسا عن غياب ثقافة وضع الشكايات من طرف المرشحين لدى الجهات المختصة، وأخرى متعلقة بعدم توسيع اللجنة المركزية لتتبع الانتخابات واقتصارها على وزارة الداخلية والنيابة العامة، وعدم وصول المجالس الجهوية للحسابات للمستوى المأمول في مراقبة الانفاق الانتخابي، وتوصيات متعلقة بالتراجع عن تدابير التمييز الإيجابي لفائدة الشباب وعدم تفعيلها لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة، واستمرار بعض حالات عدم احترام سرية الاقتراع في مكاتب التصويت رغم تجهيزها بشكل جيدا في هذه الانتخابات بالمعازل السرية والحبر والأوراق الفريدة، الا أنه لا يزال هناك المزيد مما يمكن إنجازه في هذا الشأن لضمان سرية التصويت ومراعاة ظروف تصويت الاشخاص في وضعية اعاقة. وسجل المركز بإيجاب تدابير التمييز الإيجابي لفائدة النساء “الكوتا”، حيث سن المشرع عدة تدابير لتشجيع تمثيلية المرأة في الهيئات المنتخبة كاللائحة الجهوية وتخصيص مقاعد للنساء على مستوى الجماعات ومجالس العمالات، الا أنه لوحظ ترشيح الاعيان وذوي النفوذ المالي والقبلي لبناتهم وافراد عائلتهم مما اصطلح عليه بظاهرة العائلًقراطية، وهو الامر الذي يقتضي المراجعة ووضع شروط تكفل الكفاءة للولوج الى الهيئات المنتخبة وطنيا ومحليا.