لحسن كوجلي
المغرب بلد واحد, حكومة واحدة, امن واحد, تعليم واحد, لكنه من ثقافات متعددة, لقاء هذه الثقافات يتغير حال القوم من منطقة الى اخرى, فالحياة بأرض الصحراء ليست كمتيلتها عند اهل الريف, ولن تكون كما هي في ارض الاطلس او عند اهالي المدن الكبرى وغيرهم. شخصيا زرت العديد من المناطق الى ان وقعت على تغيير يجري بأرض الصحراء الشرقية وبالضبط بمدينة وارززات. الحياة بهذه المدينة لا تشبه في شيء كل المدن التي وطأتها قدمي.
مدينة ساكنة في كل القضايا، الى درجة عجزت فيها عن فهم أمرها وخباياها بالضبط. بنيان كثير وساكنة تبدو وكأنها راحلة من مكانها, قليلة العدد مقارنة مع كم العمران.
شوارع كبرى ونقية لا تسمع فيها حركة ولاجولان الا القليل، مقاهي بلا زبائن، مطار بلا حركة جوية، تكنات عسكرية كثيرة ولا جنود تبصرهم في الشوارع، طرقات بلا حوادث سير ولا اصوات ابواق سيارات، مستشفى اقليمي غير مزدحم بالمرضى، مدينة لا تسمع ولا ترى فيها خصام ولا جدال ولا شجار بين المواطنين، سجن وسط المدينة يبدو وكأنه فارغ من المعتقلين، رجال امن وقوات مساعدة لا تحس بوجودهم بالمرة، مدينة خالية من ظواهر الاعتداء والتحرش ومعاكسة الفتيات, عيون المارة لا تلتقي ببعضها بالمرة.
مؤسسات وادارات حكومية وشبه حكومية وخاصة, لا ترى فيها حركة ملفتة للنطر وكأنها بدون موظفين ولا زبائن، مقر العمالة الذي يعد القلب النابض للمدينة, رزته في اكثر من مرة، اجده في كل مناسبة مشلول الحركة الا من قليل جدا من الموظفين، عجزت عن معرفة التوقيت الذي يكون فيه عامل الإقليم في مكتبه, والحال كذلك بالنسبة للكاتب العام، لا حركة امام مكتبيهما، ولا مواطنون يسعون لمقابلتهما، وكأن المدينة لا مشاكل فيها ولا طلبات من الناس, لا اجتماعات ولا لقاءات ولا ندوات سمعت عن عقدها ومع ذلك تجد المدنية جميلة نقية هادئة، الكل يعمل فيها و يسير بكل امان واحترام.
الدراجات النارية تتجول بكل حرية ونطام ، لا رجال امن يطاردونها او يعترضونها نظير ما اعتلاها من تعديلات. مدينة تمضي فيها بكل هدوء وكأنك تسير في مملكة النمل, حياة بلا ضجيج.
حياة هادئة وآمنة, لم يصنعها الامن بفرض القوة, ولا مدرسة بالعلم, ولا مسجد بالخطبة, بل صنعت بفعل اخلاق وثقافة اهل ارض وارززات, ويسير على نظامهم كل من التحق بمدينتهم…