قبل الحديث عن أي شيء، لنرجع بذاكرتنا الى ما قاله قبل أكثر من 40 سنة الملك الحسن الثاني أكرم الله مثواه مبدع المسيرة الخضراء لتحرير الصحراء المغربية ورفيق الملك المغفور له محمد الخامس محرر المغرب من الاستعمار الأجنبي، حول تونس والشعب التونسي وكذلك علاقتهما بالمغرب في حديث مع أحد الصحفيين الأجانب اثر أحداث قفصة سنة 1980 و التي تمت بترتيب جزائري ليبي : ” ان استقرار تونس لا يمكن زعزعته، لأن تونس هي شعب، و لا يمكن زعزعة شعب، لكن يمكن زعزعت استقرار النظام، يمكن إعاقة تقدم بلد، و عرقلة تطوره لسنوات، لكن مسح وعي المواطن التونسي، يتطلب قنبلة ذرية، أو عدة قنابل ذرية لمسحها تماما من الخريطة، هذا من جهة من جهة أخرى اذا تعرضت تونس لاعتداء عسكري فالمغرب مستعد و أعد بالفعل ليكون الى جانب الشعب التونسي”.
فالتاريخ يعيد نفسه مع موقف الملك محمد السادس نصره الله حين قام بزيارة رسمية لتونس خلال سنة 2014 وفي ظل أزمة الإرهاب والأحداث التخريبية التي استهدفت مقر وزارة الداخلية التونسية، وآبى جلالته الى أن يمدد فترة اقامته للقيام بجولة سياحية برفقة ولي العهد و الأسرة الملكية بتونس بدون أي تشديد للحراسة، وذلك من أجل بعت الاطمئنان لدعم السياحة التونسية التي تعتبر المحرك القوي للاقتصاد التونسي، ناهيك عن خطاب جلالته التاريخي أمام المجلس الوطني التأسيسي التونسي و الذي عبر فيه جلالته عن الروابط التاريخية الأخوية و الروحية و الانسانية بين البلدين، كما أكد على وقوف المملكة المغربية الدائم الى جانب الشعب التونسي في الصراء و الضراء و كذلك تعبيره على حسن الضيافة مع تطلعاته لمواصلة العمل الصادق في سبيل تعزيز أواصر الأخوة و التعاون و التضامن التي تجمع بين الشعبين الشقيقين في مختلف المجالات و الارتقاء بها الى شراكات استراتيجية مهمة. للإشارة فقط، فالمغرب يستورد أكثر مما يصدر لتونس وحسب تقرير مكتب الصرف حول التجارة الخارجية برسم سنة 2021، فإن واردات المغرب من تونس بلغت قيمتها 228 مليار سنتيم، مقابل صادرات لم تتجاوز قيمتها 129 مليار و600 مليون سنتيم.
و تشكل مجموع صادرات تونس من التمور الى المغرب نسبة 13% من مجموع صادرات تونس من التمور الى 73 دولة. نحن لا نطالب برد الجميل لأن ذلك ليس من شيم المغاربة وكذلك لا نريد التدخل في رئيس تونس ولا في سيادة الشعب التونسي على بلاده، ولكن ما كان مطلوبا من جانب الرئيس التونسي: فقط التزام الحياد في صراع مفتعل حول الصحراء المغربية من طرف المتحكمين في مصير الشعب الجزائري، الجار والأخ الذي يحب الانفتاح على شقيقه المغرب الجار لصلة الرحم وتبادل المنافع الاقتصادية والتجارية معه.
فزعيم عصابة البوليساريو المرتزقة لا يمثل أية دولة وليست له أرض ولا موارد ليستثمر فيها، فما كان نفع وجوده في قمة تيكاد 2022 الاقتصادية، ولماذا قام رئيس تونس باستقباله بتلك الحفاوة وبروتوكول رسمي يتم فقط تخصيصه لرؤساء وملوك وأمراء الدول المعترف بها من طرف الأمم المتحدة وفي استفزاز صارخ لمشاعر الشعب المغربي المتشبث بوحدته الترابية من طنجة الى الكويرة.
يقول المثل العربي: “لا تعطيني سمكة ولكن علمي كيف أصطاد” فالرئيس التونسي بحث عن حل سريع لتنفيس ولو لبرهة أزمة بلاده الاقتصادية بقرض مسموم وليس حتى بعطاء سخي ليضيع فرصة تقوية الاستثمارات المربحة والدائمة في بلاده. تيكاد لقاء قاري وعالمي فكيف يمكنك الاستفادة منه وانت لوحدك وقمت بتصرف انفرادي وصبياني لعزل بلدك.
فمن أرادوا جعل تونس ولاية جزائرية لخدمة مصالحهم لن ينفعوك بشيء وسوف يتخلون عنك عندما تحتاجهم لمواجهة مسائلة شعبك عن قريب عما أنجزته لتنمية بلدهم المستدامة وماذا فعلت لخروجهم من هاته الأزمة الاقتصادية الجد خانقة وما تسببت به في أزمة سياسية ودستورية غير مسبوقة.
قال الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة في جزء من الآية 191: ﴿الفتنة أشد من القتل﴾. فالفتنة التي يريد أن يزرعها رئيس تونس بين الشعب التونسي والشعب المغربي كما يفعل ذلك قصر المرادية لشغل المواطنين عن همومهم ومشاكلهم الاقتصادية والسياسية اليومية المعاشة قد انطفت نارها في الحال، لأننا شعبين يحب بعضنا البعض وليست بيننا أية حزازات، فنحن مرحبون عندهم وهم مرحبون عندنا، فكلنا اخوة أشقاء، وفي ذلك فل يتنافس المتنافسون.