تخيم عبد الفتاح
يعاني التونسيون من ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية، وكذلك نقص في المواد لأساسية، حيث يختفي السكر والزيت والأرز وحتى المياه المعبأة بشكل دوري من محلات السوبر ماركت ومحلات البقالة، مما يهدد بتحويل السخط الشديد في دولة قيس السعيد – مهد احتجاجات “الربيع العربي”- إلى اضطرابات أكبر.
ويقف الناس في طوابير لساعات طويلة من أجل الحصول على المواد الغذائية المدعومة لكنها أصبحت الآن متوفرة في حصص الإعاشة فقط، وعندما تظهر على الرفوف، لا يستطيع الكثير من الناس دفع ثمنها الباهظ.
وألقت الحكومة باللوم على المضاربين بالسوق السوداء والحرب في أوكرانيا، لكن خبراء اقتصاديين يقولون إن أزمة الميزانية الحكومية وعدم قدرتها على التفاوض على قرض طال انتظاره من صندوق النقد الدولي، زاد من مشاكل تونس.
ويندلع من حين لآخر شجار هنا أو هناك في طوابير الانتظار في الأسواق، بينما حدثت اشتباكات متفرقة مع الشرطة بسبب ارتفاع الأسعار ونقص السلع في جميع أنحاء البلاد.
وفي هذا الإطار، استأثر نقص الوقود والبنزين وندرة المواد الغذائية بتونس، وارتفاع قضايا المضاربة في المواد الغذائية، باهتمامات الصحف التونسية ليوم الأربعاء 12 أكتوبر.
وتحت عنوان “أزمة قد تؤجج الوضع وتدفع نحو الغضب” كتبت يومية “الصحافة” عن أزمة نقص الوقود والبنزين في تونس، متوقعة أن أنها في طريقها إلى مزيد من التعقيد باعتبار أن الأزمة عالمية وتداعياتها على تونس أمر منطقي، بالإضافة إلى الأزمة المالية التي تعيشها تونس ومحدودية الحلول في ظل الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي منذ سنوات.
وعلقت “الصحيفة” بالقول إنه بين تصريحات مسؤولي الحكومة وبين ما تشهده محطات البنزين من ضغوطات واكتظاظ السيارات “تتواصل رحلة معاناة المواطنين” بسبب الاضطراب الكبير في تزويد المحطات بالكميات اللازمة.
وبحسب الصحيفة فإن هذا الوضع، الذي وصفته ب”الدقيق” كأنه “يجهز لانفجار شعبي حيث تراكمت الصعوبات وتردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية ولم يعد المواطن قادرا على مجابهة هذه الأزمات المتتالية والتي مست أمنه الغذائي” .
وبالنسبة لها فإن تونس “على وقع أزمة مكتومة”، مشيرة إلى نقص الوقود واضطرابات توفير المواد البترولية بالمحطات “قد يؤججها”.
وتحت عنوان “قبل أن تقع الفأس في الرأس”، كتبت (الشروق) أنه رغم تأكيدات الجهات الرسمية مازالت قصة المواد الأساسية “متواصلة”.
وأوضحت أن هناك مواد تغيب فيغرق السوق في الندرة، ويختل العرض والطلب ويدوخ المواطن بين الفضاءات التجارية بحثا عن هذه المادة الأساسية أو تلك.
وتساءلت الجريدة: “كيف تعود هذه البضائع للظهور بقدرة قادر وقد انتفخت أسعارها وترهلت جودتها؟.”
ونقلت عن أمين عام اتحاد الشغل نور الدين الطبوبي تأكيده أن هذا الوضع يعتبر اختزالات ل”تكتيك” اهتدت له الحكومة.
ويروم هذا “التكتيك” إلى رفع الدعم واعتياد المواطن على الأسعار الجديدة حتى يجد نفسه، مع مرور الوقت، أمام الواقع المر ممثلا في تخلي الدولة عن الدعم وممثلا في القبول بحقيقة الأسعار.
وقالت إن الحكومة ظلت على مدى الأشهر الماضية تردد “أسطوانة” رفع الدعم و”حقيقة الأسعار” وهي ما فتئت تلوح باجراءات مصاحبة تستهدف الفئات الضعيفة الأكثر احتياجا للدعم، إلا أنها، وفق الصحيفة، بقيت تتخبط في نفس المكان وكأنها تتحرك في بقعة من الزيت.