على غرار باقي الإشكاليات المعرفية كإشكالية تعريف الفلسفة أو إشكالية العقل و النقل، نود الخوض في إشكالية ظلت بعيدة كل البعد عن التحليل و النقاش.
و قد ترتب على هذه الإشكالية آثار سلبية على الفكر البشري ( لا يسع ذكرها في هذا المقال).
باختصار الإشكالية هي موضوع الخليقة بين التيارين الفكريين الاسطوري و التوحيدي.
المقاربة التاريخية هي الوسيلة الوحيدة المحددة للمصداقية و إظهار الحقيقة.
بإلقاء نظرة على مرجعيات الفكر الأسطوري يتضح اعتماد نفس العناصر التي أتى بها الفكر التوحيدي (عنصر الماء و الطين في خلق الإنسان) مع بعض التغيير للتميز.
و هنا نطرح التساؤل من يسبق من في الظهور؟ أ الفكر التوحيدي مع آدم،أم الفكر الأسطوري مع الحضارة السومرية في حدود 4000 سنة ق.م؟
للإجابة على التساؤل ، لا مناص من العودة إلى التاريخ لاستصدار الجواب الصحيح.
لقد صيغت الأسطورة انطلاقا من معرفة مسبقة عرفتها البشرية عن طريق الرسل و الأنبياء السابقين على ظهور السومريين في بلاد الرافدين،حيث اجتهد الكهنة في صياغة الأساطير بقوة عالية من النضج و القدرة على ربط مختلف الوقائع المرئية مع أفكار لا مرئية مجردة، مقتبسين عناصر الخلق من الفكر التوحيدي مع إضافة عناصر أخرى أو تغيير بعضها كالأسطورة البابلية التي تختلف في عناصر خلق الإنسان (الطين و الدم) عوض الماء في الأسطورة السومرية لتمييز نظريتهم و جعلها مرجعية منافسة لمرجعية الفكر التوحيدي ، و بالعودة إلى تصفح المراحل التي مرت منها البشرية نكتشف أسبقية الفكر التوحيدي على الفكر الأسطوري .
فطيلة القرون التي سبقت الحضارات الوثنية لم يكن سائدا إلا الفكر التوحيدي في الشرق الأدنى القديم.