[success]المواطن24-و م ع[/success]
بإقليم بنسليمان، مبادرات تنموية لا تخطئها العين، نساء قرويات، استطعن انتشال ذواتهن من براثن الهشاشة والعوز بكل عزم وإصرار، همهن النهوض بأحوال أسرهن ومواجهة شظف الحياة.
“بشرى الحمامي، وهند المخنتر وفاطمة الزهراء البولالي”، نساء تشبعن بروح المبادرة، مسارتهن مختفلة، لكنهن يتقاسمن وازع العزيمة والتحدي للمضي قدما في سبيل النهوض بواقع المرأة القروية وضمان تمكينها الاقتصادي عبر تثمين المنتوجات المجالية وتسويقها على نطاق واسع.
قبل سنوات، فكرن في إنشاء تعاونيات فلاحية نسائية، تعنى بتثمين وإنتاج مادة “الكسكس”، واجهن صعاب البدايات، بكل تحد، بسبب غياب الإمكانات المالية اللازمة، لكن النجاح كان حليفهن بعد انضوائهن في إطار اتحاد التعاونيات الفلاحية بالإقليم.
يقول رضوان الشاقوري رئيس اتحاد التعاونيات الفلاحية ببنسليمان، إن إطلاق وحدة متخصصة في إنتاج وتثمين المنتوجات الفلاحية الغذائية، على مساحة 700 متر مربع، تندرج في إطار مبادرات الاتحاد لخلق فرص شغل للمرأة القروية والنهوض بأوضاعها المعيشية.
وأضاف في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه الوحدة التي تستفيد منها 8 تعاونيات نسائية، تتوخى بالأساس، تثمين المنتوجات المجالية بالإقليم، وتعزيز انخراط المرأة القروية في النسيج السوسيو اقتصادي المحلي.
بشرى الحمامي، 39 سنة، ترأس التعاونية النسائية “دار الحادكات”، بجماعة عين تيزغة، تقول في لحظة بوح مع الوكالة، إن واقع الهشاشة التي ترزح تحته المرأة القروية بالمنطقة، حفزها كثيرا على تأسيس إطار تعاوني تلتئم فيه النساء القرويات، وينتشلهن من واقع الفقر ويساعدهن على تثمين منتوجاتهن المحلية.
وتضيف الحمامي، “اخترنا في البداية، مادة الكسكس، حيث نقوم بإعداد وتصنيع هذا المكون الغذائي بكل أنواعه بطريقة تقليدية وبشكل يدوي، في وحدة للإنتاج والتثمين بدوار القطابة”.
كل النساء اللواتي يشتغلن في الوحدة، (حوالي 60 امرأة) تردف بشرى ، ينحدرن من وسط قروي، و”حاذقات” في إعداد هذه المادة الغذائية، بحكم مهارتهن ودرايتهن بطبيعة حياة البادية وتعاطيهن للفلاحة المعيشية.
“بعد حصولنا على ترخيص المكتب الوطني للسلامة الصحية في مارس الماضي”، تقول رئيسة تعاونية “دار الحادكات” التي لم تكمل تعليمها الجامعي، ” حفزنا ذلك كثيرا على مضاعفة جهدنا لتسريع وتيرة الإنتاج في احترام تام لشروط الجودة المطلوبة، بحكم أننا نقوم بإعداد مادة الكسكس بطريقة طبيعية (بيو) ودون الاعتماد على مواد حافظة، وذلك بإشراف فعلي من اتحاد التعاونيات الفلاحية بالإقليم”.
“يوما بعد يوم، تسترسل لحمامي، وبعدما أصبح هذا النشاط التضامني يدر علينا عائدات مالية، بدأ حافز إنجاح هذه المبادرة النسائية يتملكنا شيئا فشيئا، بمثابرة واجتهاد كل النسوة القرويات العاملات في الوحدة، رغم الإكراهات الجمة التي صادفنها في البداية، والمتمثلة أساسا في ضرورة التوفيق بين رعاية أسرنا، والالتزام بمواقيت العمل”.
زميلة بشرى، هند المخنتر 36 عاما، التي ترأس هي الأخرى التعاونية النسائية “البدوية”، لتثمين المنتوجات المجالية، بالجماعة ذاتها، تؤكد في حديث مماثل، أن الإرادة والعزيمة، عاملان أساسيان لتحقيق النجاح، مهما كانت عوائق ومثبطات الحياة.
وتضيف بشرى، المكلفة بتسويق إنتاج الوحدة، “واجهنا في البداية صعوبات التأقلم مع إكراهات تصريف منتجاتنا، لكننا ولله الحمد، وبفضل جهود كل النسوة ومثابرتهن استطعنا، إيجاد موطئ قدم لنا في السوق”.
وأشارت إلى أن منتوجات الوحدة، أصبحت تعرف طريقها للتسويق في كبريات المتاجر بالإقليم والمدن المجاورة، نظير جودتها وسلامتها الغذائية، بحكم أنها تحضر بطريقة تقليدية وهو ما يضفي عليها نكهات طبيعية لافتة تحظى بطلب متزايد من قبل الزبناء.
وأردفت قائلة “الآن انخرطنا في إنتاج جميع أصناف الكسكس، من قبيل كسكس الأعشاب، وكسكس القمح الصلب، وكسكس القمح الكامل، والكسكس الخماسي الذي يضم خمسة مكونات غذائية طبيعية والكسكس الثلاثي (ثلاث مكونات) وكسكس دقيق الشعير البلدي وكسكس النخال الأحمر، والكسكس الرقيق “باداز” وكسكس بركوكش”.
وسجلت أن تطوير أساليب التسويق “فرض علينا لزاما الاعتماد على آليات جديدة في تصريف المنتوج، من قبيل وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الرقمية وهو ما ساعدنا كثيرا على ضمان حضورنا في الأسواق المحلية، غير أننا، تؤكد المخنتر، “نراهن وهذا طموح يراودنا، منذ مدة، على توسيع قاعدة زبنائنا، للولوج إلى المساحات الكبرى ولما لا التصدير للخارج”.
أما فاطمة الزهراء البولالي، 29 سنة والتي تشرف على تعاونية “الخضراء”، فحرصت في حديث مماثل على تبيان، مختلف مراحل إنتاج مادة الكسكس، اعتمادا على مهارة مختلف النساء القرويات المنخرطات بالتعاونيات المستفيدة من مشروع وحدة تثمين المنتوجات المجالية.
وأشارت إلى أن عملية الإعداد تبدأ، ب”فتل” طحين القمح في أواني كبيرة اعتمادا على مهارة النسوة القرويات حتى يتحول إلى حبيبات صغيرة، وبعد ذلك تأتي عملية طبخ الكسكس بالبخار، لإزالة الماء منه وتركه في حاويات، قبل تعبئته في أكياس صغيرة وإضافة ملصق خاص يحدد نوع الكسكس والتعاونية التي قامت بإنتاجه، ثم في مرحلة أخيرة، تعبئة الأكياس في صناديق كرتونية لإعدادها للشحن نحو الزبناء.
هن نساء من شرائح عمرية مختلفة، يجسدن كفاح المرأة القروية في سبيل النهوض بأوضاعهن الاقتصادية، وتحسين دخلهن الفردي، انخراطهن في العمل التعاوني التضامني، ساعدهن على تحقيق طموحاتهن وإبراز مهاراتهن في تثمين المنتوجات المجالية.