المصطفى الصوفي
اكد المخرج العراقي جواد الأسدي، أن الكلمة الحقيقية،
التي يجب أن تقال حول العرض المسرحي، هي العرض في حد ذاته، لأنه هو النص الإبداعي الحامل لرسائل إنسانية ومجتمعية وكونية، والمتحدث بكل الحواس والمشاعر والدلالات. وأضاف الأسدي، الذي كان يتحدث صباح اول أمس، في مؤتمر صحافي لتقديم مسرحيته “أمل” المشاركة في فعاليات مهرجان المسرح العربي في دورته ال13 بمدينة الدار البيضاء، أن المسرحية تكونت في ظروف جيدة، نصا وكتابة وتمثيلا وسينوغرافيا، طبعها التفاهم والتفاعل والانسجام والتقدير بين مختلف الفنانين المشاركين.
ولفت مخرج ومؤلف ” أمل” إلى أن النص المسرحي،
يسائل النبرة السوداوية الاجتماعية، ويقوم بتعرية الواقع العراقي، ومن خلاله واقع العديد من المجتمعات سواء في الوطن العربي أو في بلدان أخرى، كما يرصد الكثير من التصدعات في المجتمع العراقي، ضمن زمن مفتوح ولا محدود. كما يلامس التاريخ السياسي العراقي،
الموشوم بجراح الصراعات والحروب التي ألمت به، وهو ما ساهم في تكوين نسيج من الوجع والمرارة والعوز والجوع، وكل أشكال البؤس، مثل باقي عدد من المجتمعات العربية وغير العربية. وأشار المخرج إلى أن مسرحية “أمل”، وهي للفرقة الوطنية للتمثيل، عمل فني يتطرق إلى كثير من القضايا الآنية في ظل أزمة كورونا، والحرب المدبرة، ويذهب إلى السؤال الكوني، فهو تعبير إبداعي وفني عن كينونة الحياة والمجتمع. وعن مختبر تداريب المسرحية، اكد المخرج جواد الأسدي، أن فريق العمل كان يتدرب من أربع إلى خمس ساعات يوميا طيلة شهر كامل من التدرايب، مؤكدا أن معرفته وتفاهمه العميق مع الفنان حيدر جمعة، واكتشافه للممثلة الشابة رضاب أحمد، والتي سيكون لها شأن عظيم في مستقبلها الفني والمسرحي،
مكنته من إنجاز المسرحية في ظرف وجيز وبسلالة بالغة.
وشدد الأسدي على أن كل من المخرج والممثلين والسينوغراف، شكلوا ثالوثا إبداعيا وفنيا قويا، لانجاز العرض المسرحي بهذه المواصفات التي استحسنها الجمهور في مناسبات كثيرة. من جهتها أعربت الممثلة رضاب احمد عن سعادتها الغامرة بالاشتغال مع جواد الأسدي،
الذي اعتبرته هرما من أهرامات المسرح العربي، لما يتميز به كفاءة عالية في مجال اشتغاله، مؤكدة أن اشتغالها مع المخرج، علمها أن تستوعب وتسمع، وتتفاعل ضمن عائلة فنية واحدة، مع الحرص على هذا المشروع الفني الذي وصفته ب”الجميل والممتع والعميق”.
أما محمد علي السوداني المسؤول عن مسارح العراق، مبدع سينوغراقيا “أمل”، الذي أنتجته وزارة الثقافة العراقية، فشدد على أن اشتغاله مع جواد الأسدي، يعد تجربة متميزة بعد تجربة سابقة، والتي أضافت له الشيء الكثير، واصفها الأسدي بصانع الجمال المسرحي،
والمهموم بالمسرح بكل العواطف الجياشة والشحنات العاطفية والتفاصيل الدقيقة، وهو ما كان يميزه خلال التداريب. وأكد في هذا السياق أن جواد الأسدي لا يضع أي مفردة حتى يعرف دورها وقيمتها، ومسرحه له عمق فني وفرجوي ممتع للغاية، وانه السهل الممتنع، ولا يقبل قبل الرأي بشكل سلسل، له فضاؤه الفني الخاص، ويبحث عن الممثل والموسيقية والسينوغراف المفكر. وأضاف أن الأسدي ليس له وقت يضيعه، ومبدع حقيق وخلاق، لأفق الجمال والمسرح الكوني الجذاب، حيث غادر مشروع الحياة إلى المشروع الكوني والإنساني، يحافظ على منظومته الفنية من خلاله، ويبوح عن مكنوناته التي تحمل رسائل نبيلة للمجتمع والعالم. ولفت إلى أن المسرحية هي نموذج آخر للبوح الكوني والإنساني،
مؤكدا أن في نهاية فترة التداريب (البروفا) كان الأسدي يسأل سؤالا ويغادر، حيث عالمه الخاص الذي يغرف من فلسفة الحياة، والوطن الذي يسكنه،
المشحون بالهموم والصراخ ولمأساة، بحثا عن روح المدينة الفاضلة. وقبل نهاية المؤتمر الصحفي، تدخل المخرج جواد الأسدي من جديد، للتوضيح وللإجابة على بعض الأسئلة الحارقة، التي تقول بأن العرض مسيء، ويشتم، ويرمي بالحجر على بغداد، حيث أكد في هذا السياق، أن العرض المسرحي لا يريد أن يشتم، بل يريد أن يظهر فكرة العتمة، التي أوصلت البلاد إلى العيش غير الآمن بعد الكثير من الصراعات والحروب، كما يريد أن يعبر العرض المسرحي خط المرارة، بعيدا عن خط الأوجاع والظروف الاجتماعية القاسية، والحروب العبثية والصراع الأزلي. وتساءل الأسدي، كيف يمكن العيش في خضم التمزق الاجتماعي،
والأوضاع غير الآمنة التي يعوم فيها العراق؟، مبرزا أن المسرحية تريد أن تعري عن حقائق المجتمع، والبحث عن النور القادم في المستقبل.. إنها تنتقد اللاحياة، لتصنع الحياة.
Entrer