[information]المواطن 24 -متابعة[/information]
يبدو أن محاولات بعض القوى في العالم الإسلامي سحب البساط من تحت أقدام القوى العربية الوازنة في إطار تمثيلية الإسلام سائرة على قدم وساق بعد قمة ماليزيا الأخيرة التي برز فيها المثلث القطري الإيراني التركي. وعلى الرغم من الحضور القطري خصوصا على مستوى التمويل إلا أن المحور الجديد الذي تسعى تركيا وإيران إلى خلقه يحاول أن يطبق الحصار على البلدان العربية التي كانت دائما حاملة لمشعل الدفاع عن الإسلام السني المعتدل في المملكة العربية السعودية ومصر وغيرهما. ويبدو أن المشروع الذي بشرت به قمة كوالالمبور مشروع سياسي أكثر منه مشروع إسلامي بالنظر إلى محاولته بناء تحالف بين قوى إقليمية متناقضة مذهبيا كإيران والإخوان المسلمين لكنها تقاطعت مصلحيا في مسعاه لهدم الاستقرار والوحدة في المنطقة العربية.
وتركز مساعي القمة الماليزية الأخيرة على استهداف القوى المحسوبة على التحالف الأمريكي لإضعافها وفسح المجال أمام المزيد من التدخل التركي والإيراني في المنطقة. ولم يتأخر تفعيل هذا المسعى كثيرا بعد أن شرعت تركيا رسميا في التدخل العسكري في ليبيا، لتنضاف طرابلس إلى مناطق عربية أخرى في اليمن وسوريا ولبنان تعرف تغلغلا للمد العثماني والفارسي. وتزداد الشكوك حول أهداف هذه القمة في ظل خروجها عن قمم منظمة المؤتمر الإسلامي التي تعودت لم شمل الدول الإسلامية وتوحيد المواقف تجاه الكثير من القضايا العربية والإسلامية المشتركة وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
ولا يتردد بعض المراقبين في اعتبار القمة الأخيرة محورا يجمع ثنائية إخوانية فارسية من أجل تحقيق هدف تقاسم النفوذ والتأثير على الأقطاب الدولية من خلال فرض أمر واقع إقليمي. ومن المستغرب أن تلعب قطر العضو في الجامعة العربية وفي مجلس التعاون الخليجي دورا محوريا إذ كانت هي الممول الأساسي لانعقاد القمة ودفعت بقوة لكي يكون الحضور الإيراني بارزا.
ولا يخفي على أحد الصراع الدائر بقوة بين حلفاء أمريكا وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية في المنطقة وإيران وأتباعها في المنطقة ممن يخوضون حروبا بالوكالة في عدد من دول المنطقة.
وتبدو خطورة قمة ماليزيا في توجهها بصفة رسمية نحو شق الصف الإسلامي وإضعاف المؤسسات الإسلامية الدولية وعلى رأسها منظمة المؤتمر الإسلامي العريقة التي تعتبر بمثابة الناطق الرسمي باسم الدول الإسلامية وتحمل لواء الدفاع عن كثير من قضايا المسلمين في العالم وتربطها بمختلف القوى الدولية شراكات وعلاقات دبلوماسية واضحة ومعروفة. ولا تستبعد دول الخليج التي تحاول التصدي لهذا الشرخ الجديد أن تكون الإيديولوجيا الإخوانية وراء هذه الفكرة الجديدة.
وفي لقاء قمة المؤتمر الإسلامي الأخيرة كان جلالة الملك محمد السادس قد دعا في رسالة موجهة إليها إلى تجاوز الخلافات وتوحيد الصف الإسلامي وهو الموقف الذي يبدو أنه أزعج دول المحور الإسلامي الجديد وعلى رأسها قطر. ويضع المغرب كما هو معروف من سياساته الخارجية عقيدة التسامح والنأي بالذات أساسا لاستراتيجياته العامة، وهو ما قد لا يروق دائما للقوى التي تريد تحويل الوحدة الإسلامية إلى وحدة ذات أهداف سياسية وتوسعية في الإقليم العربي بما يعنيه ذلك من عودة لعقائد التعصب الحركي والإخواني بدلا من تكريس روح التسامح والسلام بالمنطقة المثخنة بجراح الصراعات والتطاحن الطائفي والقبلي.
ويعتبر مراقبون أن خطورة الدعم القطري لمثل هذه القمم هو المسعى المشترك مع تركيا وإيران للتوسع في آسيا وأفريقيا وتشكيل محاور دينية في وجه دول تعتمد العلمانية في نظامها أو تتبنى التوجه الإسلامي المعتدل مثل المغرب.
ويطرح الحماس القطري لإنجاح هذا المحور الجديد الكثير من التساؤلات خصوصا بعد أن الدوحة دعمها للإيرانيين من خلال تبني مقترح روحاني في القمة بإطلاق عملة إلكترونية بما تحمله من مخاطر على التعاملات المالية. وبعد أن كانت قطر عرابا لثورات الربيع العربي التي آل معظمها إلى حروب أهلية طاحنة فإنها تسعى من خلال المحور الجديد التركي الإيراني إلى نقل تجربة الثورات عبر غطاء هذه القمة وتفعليه ليس في المنطقة العربية بل في دول آسيوية وافريقية من اجل ضرب اقتصادها ليتم بعدها التحكم بالاستثمارات وثروات الغاز الطبيعي وممراته بين أوروبا وإفريقيا.