الموطن24
نن تالسينت/ من المدرسة إلى الشارع: رحلة يائسة لعائلة تبحث عن حل لمشكلة بسيطة في الوقت الذي تتباهى فيه وزارة التربية الوطنية بإنجازاتها في مجال محاربة الهدر المدرسي، وتشدد على ضرورة توفير بيئة تعليمية جاذبة في كل ربوع المملكة، نجد أن الواقع الميداني يقص علينا حكايات أخرى، حكايات عن إدارات تربوية لا تزال عاجزة عن تقديم أبسط الخدمات لتلاميذها. إذا كان الشيء بالشيء يذكر، فالواقع يجبرنا أن نحط الرحال في قلب قرية مغربية نواحي فجيج، حيث الأحلام الصغيرة تتنافس مع الظروف الصعبة، يعيش تلميذ قصة مؤلمة. قصة بدأت بفوبيا بسيطة من الفوج الذي يدرس فيه، قصة تحولت إلى مأساة حقيقية عندما وجدت العائلة نفسها عاجزة عن إيجاد حل. التلميذ، الذي لم يرتكب أي خطأ، وجد نفسه أمام خيار صعب: إما البقاء في فوج يسبب له الضيق والمعاناة، وإما ترك الدراسة.
حاولت العائلة جاهدة إيجاد حل، فالتجأت الى إدارة المؤسسة لتبدأ رحلة المعاناة هذه بطلب من إدارة المدرسة التوجه إلى المدير الإقليمي للتعليم ببوعرفة، في رحلة شاقة تجاوزت 200 كيلومترا. وبعد وعود وتسويف، عادت العائلة خالية الوفاض. ثم جاء الدور على الشهادات الطبية، الشهادات التي تثبت الحاجة إلى مرافق، وكأن التلميذ مريض نفسي يحتاج إلى حراسة خاصة
. رغم أن الأمر لا يتطلب ذلك. وفي محاولة يائسة لإنقاذ ابنهم من الضياع، حاولت العائلة إجباره على العودة إلى فصله، لكن التلميذ هرب مرعوبًا أمام أنظار الجميع. كل هذه الإجراءات العبثية لم تجدِ نفعًا، فالتلميذ ظل يعاني، وعائلته تئن. وفي النهاية، وبعد إصرار الإدارة على رفض الحلول البسيطة، وتقديم عوائق بيروقراطية أمام التلميذ وعائلته، مما يدل على غياب التعاطف والإنسانية في التعامل مع مثل هذه الحالات.
فبدلًا من البحث عن حلول عملية، تم التركيز على الشكليات والإجراءات الروتينية، مما أدى إلى تفاقم المشكلة ودفع التلميذ إلى ترك مقاعد الدراسة. واقعة هذا التلميذ بمثابة ناقوس خطر، تسائلنا جميعا عن دورنا في الدفاع عن حق التعليم كحق مقدس.
و هي دعوة صريحة إلى الاستيقاظ. دعوة إلى مراجعة أنفسنا كمسؤولين، وكمعلمين، وكآباء. دعوة إلى بناء نظام تعليمي يضع الإنسان في قلب اهتماماته، نظام يوفر بيئة آمنة ومحفزة لكل التلاميذ، نظام يضمن حصول كل طفل على حقه في التعليم. وبالتالي، فإننا بحاجة إلى حلول جذرية لمشكلة الهدر المدرسي، حلول تتجاوز الإجراءات التقليدية والخطابات الرنانة. نحن بحاجة إلى استثمار في الموارد البشرية، وتطوير البرامج التدريبية للمعلمين، وتوفير الدعم النفسي للتلاميذ، وبناء مدارس صديقة للطفل