ياسين السملالي المواطن 24
باليوسفيةمشهد يعكس العبث الإداري الذي تجاوز كل حدود التبرير، يعيش عدد من المواطنين، وخاصة المناضلين، وضعًا صادمًا. نخص بالذكر المعتقلين السياسيين السابقين نديري وهشام عكاز، اللذين يشتغلون في شركة أفيردا في مدينة الدارالبيضاء. فقد تلقوا إشعارات ضريبية تطالبهم بتسديد ديون مزعومة بصفة ( مقاولين ذاتيين )، رغم تأكيدهم القاطع بعدم وجود أي علاقة لهم بهذا النظام أو أي نشاط مقاولاتي. ما يثير الاستغراب أكثر هو أن هذه الإشعارات استهدفت أشخاصًا في سن الثمانينيات من أعمارهم، الذين أمضوا حياتهم بعيدًا عن أي نشاط اقتصادي يمكن تصنيفه ضمن هذا الإطار
تعود جذور هذه القضية إلى سنة 2017، خلال إحدى الحركات الاحتجاجية في مدينة اليوسفية، وفي عهد عامل الإقليم السابق. وحسب تصريحات أحد المتضررين، جرى حينها تنسيق بين مسؤولي العمالة وأحد المحاسبين المعروفين في مدينة. الهدف كان إنشاء شركات لفائدة ستة أشخاص من أبناء الحراك للاستفادة من مشاريع بقيمة 300,000 درهم (30 مليون سنتيم) كوسيلة لتهدئة الأوضاع.
إلا أن أبناء الحراك رفضوا هذه العروض جملة وتفصيلًا، معتبرينها محاولة لتفريقهم وإخماد احتجاجاتهم. ورغم التنبيهات المستمرة بشأن رفضهم لأي خطوة إدارية مرتبطة بهذه المشاريع، تفاجأ أحد الأشخاص في سنة 2025 بتوصله برسالة من خزينة الضرائب تطالبه بتسديد مبلغ 25,000 درهم كضرائب مستحقة عن تلك الشركة التي تم رفضها أساسًا في 2018. في واقعة أخرى، يروي أحد المواطنين الذي كان جزءًا من نفس الحراك تفاصيل صادمة عن والدته المسنّة، وهي امرأة لا تغادر منزلها إلا للضرورات القصوى.
ورغم ذلك، فوجئت بإشعار ضريبي يحمل اسمها كمقاولة ذاتية، يطالبها بتسديد مبلغ مالي دون تحديد الأسباب أو المبررات. هذه الحادثة أثارت استغراب الأسرة التي أكدت أن السيدة ليس لها أي صلة بالنشاط المقاولاتي طوال حياتها. هذه الحالات تطرح أسئلة ملحة حول مصداقية النظام الضريبي ودقته في تصنيف الأفراد.
كيف يمكن لإدارة الضرائب تسجيل أشخاص في نظام المقاولين الذاتيين دون علمهم؟ وهل يتعلق الأمر بأخطاء إدارية محضة، أم أننا أمام تلاعب مقصود واستغلال لثغرات قانونية بغرض تحقيق مداخيل إضافية على حساب المواطنين البسطاء؟ هذه الفوضى الإدارية تضع المسؤولين أمام اختبار حقيقي لإصلاح المنظومة المرتبطة بتسجيل الأفراد في أنظمة مثل المقاول الذاتي، وضمان عدم استهداف الفئات الهشة، خصوصًا كبار السن الذين لا يمكنهم تحمل مثل هذه الضغوط.
المتضررون وجهوا نداءً عاجلاً إلى الجهات المسؤولة للتدخل الفوري، ليس فقط لتصحيح الأخطاء، بل لحماية كرامة المواطنين وضمان عدم تكرار مثل هذه التجاوزات. يبقى السؤال الأهم: متى ستتوقف هذه الممارسات؟
وهل سنشهد تحسينات حقيقية في التدبير الإداري والضريبي لضمان احترام حقوق المواطنين؟ لا يُعقل أن يُطلب من شخص بسيط يشتغل بالسميك دفع مبالغ باهظة عن ديون لا علاقة له بها. الإجابة تبقى رهينة بمدى جدية السلطات في معالجة هذه الملفات وضمان أن لا يتكرر مثل هذا العبث.