الموطن24عادل بن احساين 
24 نظم المركز الوطني للدراسات والأبحاث القانونية والقضائية بالقصر الكبير، بشراكة مع مجلة “محاكمة”، ندوة علمية وطنية تحت عنوان “مشروع قانون المسطرة الجنائية ورهانات حقوق الإنسان”، وذلك يوم السبت 15 فبراير 2025 بقاعة المؤتمرات والحفلات المنصور بمدينة القصر الكبير
. استُهلت الندوة بتلاوة آيات من القرآن الكريم وعزف النشيد الوطني، قبل أن تقدم الأستاذة نجوى بكور نبذة عن المركز الوطني للدراسات والأبحاث القانونية والقضائية، منذ إنشائه في يناير
2019، مشيرة إلى الأنشطة والندوات والبرامج التكوينية التي نظمها. في كلمته الافتتاحية، رحب الدكتور عزيز العروسي، رئيس المركز، والدكتور عز الدين الماحي، مدير مجلة “محاكمة”، بالمشاركين، مؤكدين أن هذه الندوة تأتي في إطار إشاعة النقاش العمومي حول مشروع قانون المسطرة الجنائية، بما يساهم في تقديم مقترحات وتوصيات تهدف إلى تجويده
ترأس الجلسة العلمية الدكتور عز الدين الماحي، وعرفت مداخلات لعدد من الخبراء والباحثين، الذين قدموا قراءات نقدية لمشروع القانون من زوايا متعددة. 1. الاعتقال الاحتياطي ومتغيرات المسطرة الجنائية استعرض الدكتور علال فالي، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق أكدال بالرباط، التعديلات التي حملها مشروع القانون، مشيرًا إلى أنه يتضمن 100 تعديل و200 نقطة مسكوت عنها. وانتقد غياب رؤية واضحة لمفهوم الاعتقال الاحتياطي وتأثيره على نسبة الساكنة السجنية، مقترحًا اعتماد قانون جديد بدلًا من التعديلات المتفرقة
. كما ناقش مسألة الحجية القانونية لمحاضر الضابطة القضائية والفوارق بين مفاهيم “الظنين”، “المتابع”، “المتهم”، و”المعتقل”، مع التركيز على إشكالية التعويض عن الاعتقال الاحتياطي. 2. استقلال القضاء ومبدأ فصل السلط قدم الدكتور عبد الرزاق الجباري، رئيس نادي قضاة المغرب، قراءة نقدية لمشروع قانون المسطرة الجنائية، معتبرًا أنه يتعارض مع مبادئ استقلال القضاء والدستور المغربي.
وأوضح أن المادة الثالثة من المشروع تحدّ من سلطات النيابة العامة في قضايا
جرائم المال العام، حيث تفرض عليها انتظار طلب من رئيس النيابة العامة لفتح تحقيق، مما يتعارض مع مبدأ فصل السلط. كما انتقد المادة 51 التي تجعل من رئيس النيابة العامة منفذًا للسياسة الجنائية بدلًا من تطبيقها، معتبرًا أن المشروع يحدّ من دور المجتمع المدني في مكافحة الفساد ويتعارض مع المعايير الدولية واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. 3. البعد الحقوقي
في مشروع القانون تناول الدكتور شريف الغيام، نائب الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بتطوان، البعد الحقوقي في المشروع، متسائلًا: هل نحن بحاجة دائمة إلى إعادة النظر في قانون المسطرة الجنائية؟ مشيرًا إلى أن التعديلات المتكررة تفرض نقاشًا مجتمعياً عميقًا حول مدى توافق النصوص القانونية مع الدستور والالتزامات الحقوقية الدولية. وأوضح أن المشروع ركّز على الحراسة النظرية، الضمانات، المساواة بين الأطراف، الحق في السراح، المحاكمة العادلة، الإثبات الجنائي، وقواعد الجزاء المسطري، معتبراً أن هذه التعديلات تعكس تطورًا نحو تعزيز حقوق الأفراد داخل المنظومة الجنائية. 4. أنسنة
التدابير المقيدة للحرية اختتم الدكتور عماد الجهاد، عضو المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بطنجة، المداخلات بمناقشة أنسنة التدابير المقيدة للحرية، خصوصًا فيما يتعلق بالحراسة النظرية، مقترحًا تفعيل آلية السمعي البصري أثناء الاستماع
للأشخاص، تعزيز حق المتهم في الصمت، وتوفير عناية خاصة بالأحداث. كما شدد على ضرورة إطلاع الرأي العام على القضايا الكبرى، وتقييد سلطة الضابطة القضائية بآليات رقابية صارمة.
اختُتمت الندوة بنقاش عام، شارك فيه الحضور
بطرح تساؤلات وإضافات أغنت النقاش، حيث تم التأكيد على أهمية مراجعة المشروع لضمان تحقيق التوازن بين العدالة الجنائية وحماية الحقوق والحريات
. تأتي هذه الندوة ضمن سلسلة مبادرات لتعميق النقاش حول مشروع قانون المسطرة الجنائية، بهدف المساهمة في صياغة نص قانوني أكثر عدالة وفعالية.



