المواطن 24 عادل بن احساين
شهد مقر الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمدينة القصر الكبير، مساء الأحد 16 فبراير 2025، أشغال ندوة فكرية تحت عنوان “راهن القضية الفلسطينية ومهام مناهضي التطبيع”، بتنظيم من الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع. جاءت هذه الندوة في سياق تصاعد العدوان الصهيوني على غزة منذ أكتوبر 2023، وتعاظم الحراك الشعبي المغربي
المناهض للتطبيع، وسط تحولات إقليمية ودولية مؤثرة على مسار القضية الفلسطينية.

افتتاح الندوة: تشخيص الواقع واستشراف آفاق النضال افتُتحت الندوة بمداخلة تقديمية ألقاها الأستاذ يونس الحبوسي، الذي استعرض الإطار العام للندوة، مشيرًا إلى أن القضية الفلسطينية تمر بمرحلة مصيرية تستهدف تصفيتها كقضية تحرر وطني، وسط محاولات لتصفية
المقاومة الفلسطينية عبر عدوان مستمر ومتعدد الأشكال. كما أكد أن العدوان الصهيوني الوحشي على غزة لم ينجح في كسر إرادة الفلسطينيين، بل أدى إلى تعزيز التضامن الدولي مع القضية، خصوصًا بين الأجيال الجديدة في الغرب. وتطرق الحبوسي إلى تصاعد موجة التطبيع في المنطقة العربية، خصوصًا عبر اتفاقيات أبراهام، التي اعتبرها امتدادًا لمخططات الإمبريالية والصهيونية الساعية لدمج الكيان الصهيوني في المنطقة.

وفي السياق المغربي، أشار إلى تزايد محاولات فرض التطبيع كأمر واقع، من خلال الإعلام والتعليم والتبادل الاقتصادي، وهو ما يستدعي مقاومة شعبية واعية ومستدامة. مداخلات المشاركين: استراتيجيات المقاومة والمقاطعة محمد الغفري: صمود الشعب المغربي في مواجهة التطبيع استهل الأستاذ محمد الغفري مداخلته بتوجيه تحية تقدير لساكنة القصر الكبير، التي أبانت عن وعي نضالي عالٍ من خلال
مظاهراتها ووقفاتها الرافضة للتطبيع، شأنها شأن العديد من المدن المغربية. وأكد أن الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع تظل قوية بالتفاف المناضلين حولها، مما يعكس صمود الشعب المغربي في وجه السياسة الرسمية المطبّعة، التي انتقلت من مجرد اتفاقيات إلى مستوى التحالف العلني مع الكيان الصهيوني. كما شدّد الغفري على أن محطة “طوفا

الأقصى” شكلت تحولًا استراتيجيًا في مسار القضية الفلسطينية، حيث رفعت سقف المطالب إلى حق الفلسطينيين في كامل ترابهم الوطني، بدلًا من حل الدولتين، الذي أضحى غير واقعي في ظل استمرار الاستيطان والاحتلال. عبد الصمد فتحي: معركة الوعي والمقاومة الشاملة من جانبه، أكد الأستاذ عبد الصمد فتحي على أن التضامن مع فلسطين يتخذ أشكالًا متعددة، تبدأ بالوقفات والمسيرات الاحتجاجية، وتمتد إلى المعارك الإعلامية، وتنظيم الندوات والمؤتمرات لتعزيز وعي الشعوب
بمخاطر التطبيع. وأشار إلى أن المقاومة الفلسطينية لم تختر توقيت “طوفان الأقصى” اعتباطًا، بل جاء بعد عقود من القمع والتنكيل والتضييق الممنهج على المسجد الأقصى، في محاولة لتصفية القضية الفلسطينية. وشدد فتحي على أن المقاومة
الفلسطينية درست العقل الصهيوني بعمق، واستطاعت كسر “أسطورة الجيش الذي لا يُقهر”، عبر استراتيجيات نوعية أدت إلى إحداث تحولات غير مسبوقة في موازين القوى. كما أكد أن دعم هذه المقاومة لا يقتصر على الجانب الميداني، بل يشمل معركة الوعي والتأثير الإعلامي والسياسي على المستوى الدولي. سيون أسيدون: المقاطعة الاقتصادية سلاح استراتيجي أما الناشط الحقوقي سيون أسيدون، فركز في مداخلته على الدور المحوري لحركة BDS (حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات)، باعتبارها أداة فعالة لمقاومة التطبيع ودعم نضال الشعب الفلسطيني. وأوضح أن هذه الحركة نجحت في
إلحاق خسائر اقتصادية وسياسية معتبرة بالكيان الصهيوني، عبر مقاطعة الشركات والمؤسسات الداعمة له، والضغط على الحكومات لإيقاف التعاون معه. واستعرض أسيدون تجارب ناجحة لحركة BDS محليًا ودوليًا، مبرزًا أهمية المقاطعة
الاقتصادية في إضعاف الاقتصاد الصهيوني، وحث على الانخراط الفاعل في حملات المقاطعة بالمغرب، خصوصًا في ظل سعي بعض رجال الأعمال المغاربة إلى تطبيع العلاقات التجارية مع الاحتلال، مما يشكل تهديدًا حقيقيًا للنضال الفلسطيني. خلاصات وتوصيات: نحو استراتيجية شعبية لمناهضة التطبيع شهدت الندوة نقاشًا مستفيضًا حول آليات مواجهة التطبيع
وتعزيز التضامن الشعبي مع القضية الفلسطينية، حيث أجمع المتدخلون على ضرورة جعل مقاومة التطبيع قضية مجتمعية، من خلال التركيز على: تعزيز الوعي الجماهيري عبر الإعلام والتعليم والنقاشات العامة. تنظيم وقفات وفعاليات مستمرة لدعم القضية الفلسطينية. دعم حركة المقاطعة (BDS)، والاستفادة من تجاربها في فرض عزلة اقتصادية على الكيان
الصهيوني. مواجهة التطبيع الأكاديمي والثقافي والاقتصادي، وفضح الشركات والمؤسسات المتورطة فيه. ختام الندوة: تأكيد الالتزام بالنضال حتى تحرير فلسطين اختُتمت الندوة بتأكيد المشاركين على أن القضية الفلسطينية تظل قضية تحرر وطني،
لا يمكن تصفيتها رغم كل المحاولات التطبيعية والإمبريالية. كما شددوا على أن المعركة ضد التطبيع مستمرة، وستظل جزءًا من النضال الشعبي حتى تحرير فلسطين، مشيدين بدور الشعب المغربي في دعم القضية الفلسطينية، ومناهضة كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني. ختامًا: رسالة واضحة ضد التطبيع أثبتت ندوة “راهن القضية الفلسطينية ومهام مناهضي
التطبيع” أن الوعي الشعبي المغربي لا يزال حيًا ومقاومًا لكل محاولات اختراقه بالتطبيع، وأن القضية الفلسطينية ليست مجرد قضية سياسية، بل قضية ضمير إنساني لا تقبل المساومة. وبينما يواصل الاحتلال جرائمه، يتأكد أن المعركة ضد التطبيع ليست خيارًا، بل واجبًا أخلاقيًا وسياسيًا على كل أحرار العالم.



