المواطن 24… زاويةاوزدين عبد الله أيت المؤدن.
اوزدينعبد الله أيت المؤدن. في القرن 21 الذي هو عصر السرعة والتواصل اللحظي، حيث باتت شاشاتنا نافذتنا على العالم، وصبيب الإنترنت شريان حياتنا اليومية، تبقى جيوب الظلام التكنولوجي وصمة عار في جبين التقدم.
فدوار زاوية أوزدين، يقع ضمن النفوذ الترابي لجماعة تانسيفت، التابعة لإقليم زاكورة بجهة درعة تافيلالت. تتميز هذه المنطقة بطابعها الواحي الأصيل، وتشتهر بواحات النخيل التي تُعد جزءًا لا يتجزأ من هويتها الجغرافية والاقتصادية.
وتاريخيًا، تُعرف “الزوايا” في المملكة المغربية بأنها مراكز دينية وعلمية، وكانت تلعب دورًا محوريًا في الحياة الروحية والاجتماعية للسكان. لزاوية اوزدين ليس مجرد نقطة على الخريطة، بل هو بؤرة لمعاناة حقيقية تثير تساؤلات مؤلمة حول أولويات التنمية والعدالة الاجتماعية.
هل يُعقل أن تُترك حياة المواطنين رهينة لغياب شبكة اتصال؟ هذا ليس مجرد سؤال، بل صرخة مدوية تخرج من حناجر سكان يعيشون خارج نطاق التغطية، حرفيًا ومجازًا.

في عالم يعتبر فيه التواصل حقًا أساسيًا، يعاني أهل زاوية أوزدين من ضعف شبكة الاتصالات وانعدام الإنترنت، ليتحول ما هو “رفاهية” في أماكن أخرى إلى “ضرورة قصوى” في قريتهم. ولقد باتت الحالات الطارئة كابوسًا يطارد الساكنة.
تخيل أنك في موقف يستدعي تدخل الإسعاف أو المطافئ، ولكن هاتفك لا يلتقط أي إشارة! هذا بالضبط ما يحدث في زاوية أوزدين. إنها ليست مجرد مشكلة “إزعاج”، بل هي تهديد مباشر للحياة والسلامة. بينما تنعم معظم الدواوير المجاورة بشبكة اتصالات مقبولة، يظل دوار زاوية أوزدين استثناءً مؤلمًا، نقطة سوداء في خريطة الاتصال.

و هذا التهميش الرقمي لا يعيق فقط تواصل الساكنة مع محيطهم، بل يؤثر أيضًا على السياحة التي تتوافد من حين الى اخر إلى المنطقة، بل كذلك السياحة الداخلية للبلاد من أبناء الجالية مغاربة العالم خاصة من ابناء زاوية اوزدين، والتي تُعد رافدًا اقتصاديًا مهمًا.
فكيف يمكن للسياح وابناء الحالية الاستمتاع بجمال المنطقة إذا كانوا معزولين عن العالم، وهم دائما مع شبكات الأنترنيت واستعمال التنقية الحديثة في بلدان المهجر؟ هذا ولقد وجه السيد النائب البرلماني سؤالًا كتابيًا إلى السيدة الوزيرة المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي، متسائلًا عن الإجراءات المتخذة لفك هذا العزل التكنولوجي

. واليوم، يتساءل الرأي العام الأوزديني والمغربية عموما بدوره: متى سيتم رفع هذا الحيف عن سكان زاوية أوزدين وباقي الدواوير في المملكة المغربية التي تعاني نفس المشكل ؟ هل سيُترك هؤلاء المواطنون فريسة للعزلة في زمن بات فيه العالم قرية صغيرة؟ آن الأوان أن ندرك أن توفير شبكة اتصالات قوية ليس مجرد خدمة، بل هو ركيزة أساسية للتنمية البشرية والاقتصادية.
وما فتئ الملك محمد السادس نصره الله، يهتم في العديد من خطاباته السامية، بقضايا التنمية الشاملة في المغرب، ويسلط الضوء بشكل خاص على العالم القروي وضرورة تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية.
وهنا مقتطف من خطابه السامي الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله،إلى الأمة بمناسبة الذكرى السادسة عشرة لاعتلاء جلالته عرش أسلافه. “”””…ومن هذا المنطلق لابد من إجراء وقفة للتوصل إلى حلول جديدة، كفيلة بجعل هذه الفئة تلحق بالركب، وتندمج في الحياة الوطنية. لذا، جعلنا من صيانة كرامة المواطن الهدف من كل الإصلاحات السياسية والاجتماعية، والمبادرات التنموية. فإقامة المؤسسات، على أهميتها، ليست غاية في حد ذاتها.

كما أن النمو الاقتصادي لن يكون له أي معنى، إذا لم يؤثر في تحسين ظروف عيش المواطنين. ورغم التطور الذي حققته بلادنا، فإن ما يحز في نفسي، تلك الأوضاع الصعبة التي يعيشها بعض المواطنين في المناطق البعيدة والمعزولة؛ وخاصة بقمم الأطلس والريف، والمناطق الصحراوية والجافة والواحات، وببعض القرى في السهول والسواحل…”””. إنها مسؤولية جماعية تتطلب تضافر جهود الحكومة وشركات الاتصالات لضمان أن يحصل كل مواطن، أينما كان، على حقه في التواصل والأمان. فهل تستجيب الأصداء لصرخة زاوية أوزدين، أم تبقى مجرد صدى في صحراء الاتصالات؟


