خريبكة – مراسل نجيد كباسي
Almouaten 24 -المواطن 24
خاص تحولت مدينة خريبكة، مساء السبت 21 يونيو 2025، إلى مركز إشعاع ثقافي وفني، مع إعطاء الانطلاقة الرسمية لفعاليات الدورة الخامسة والعشرين من مهرجان السينما الإفريقية، وسط حضور نوعي يعكس ثقة القارة السمراء في هذا الموعد السينمائي الراسخ
. الافتتاح، الذي احتضنه المركب الثقافي محمد السادس، لم يكن مجرد مناسبة بروتوكولية، بل لحظة فنية وسياسية بامتياز، أكدت من خلالها المدينة – التي طالما اقترنت بالفوسفاط – أنها باتت أيضا رقما صعبا في المعادلة الثقافية الإفريقية، تكتب فصولا جديدة من الحضور المغربي داخل العمق الإفريقي. تنظيم الحفل جرى بإشراف مؤسسة المهرجان الدولي للسينما الإفريقية، وبتنسيق لافت بين باشوية خريبكة ومختلف المتدخلين، ما أضفى على الافتتاح طابعا مهنيا رفيعا.
الحضور الرسمي واللوجستي كان قويا: من المكتب الشريف للفوسفاط، والخطوط الملكية المغربية، إلى المركز السينمائي المغربي، ووزارة الشباب والثقافة والتواصل، إلى جانب دعم من جماعة خريبكة والمجالس المنتخبة الجهوية والإقليمية. هذا الحضور المؤسساتي أرسل رسالة واضحة
مفادها أن الثقافة ليست ترفاً، بل مشروع استراتيجي. تميز الحفل بانطلاقة قوية من خلال عرض فني لفرقة “بالي إفريقيا”، التي أعادت رسم الملامح الإيقاعية للقارة على الركح، في تفاعل حيّ مع عناصر فرجوية مغربية أضفت على المشهد بعدا بصريا لافتا.
الإعلامية سناء فاضل تولت تنشيط الفقرات، قبل أن يعتلي المنصة رئيس جماعة خريبكة، محمد زكراني، بكلمة شدد فيها على أهمية المهرجان في تعميق أواصر التعاون المغربي الإفريقي، في ظل الرؤية الملكية التي تضع الثقافة في قلب التفاعل الدبلوماسي والإنساني.
وأكد زكراني أن خريبكة تتطلع لأن تتحول إلى منصة دائمة للفن السابع، وفضاء لتلاقح الأفكار والهوية والانتماء.
في كلمة مدروسة، استعرض عز الدين كريران، مدير مؤسسة المهرجان، مسار 25 سنة من التحدي، وسط إكراهات لم تمنع استمرار المهرجان بل زادت من صلابته، قائلا: “هذا المشروع الثقافي ما كان ليصمد لولا إيماننا العميق بالسينما كأداة للتغيير”
. وأشار كريران إلى أن هذه الدورة ستفتح باب النقاش حول علاقة الذكاء الاصطناعي بالإنتاج السينمائي، إلى جانب تسليط الضوء على تجارب إنتاجية إفريقية تتحدى محدودية الموارد بالإبداع الفردي. أضواء التكريم هذا العام توجهت نحو السينما الموريتانية، التي وصفت بـ”السينما المقاومة”
. وتم عرض شريط وثائقي يؤرخ لمسارها المتواضع لكن الطموح، قبل أن يتم تكريم المخرج عبد الرحمان سيساكو، الذي نال درع المهرجان وسط تصفيق الحاضرين. السفير الموريتاني، أحمد
باهية، أشاد بالعلاقات الثقافية بين الرباط ونواكشوط، واعتبر الفن جسرا متينا نحو بناء الثقة بين الشعوب. المهرجان لم يغفل رموز القارة، فتم تكريم المخرج السنغالي المخضرم منصور صورا، المعروف بإسهاماته في بناء خطاب سينمائي إفريقي منفتح على التراث والإنسان. لحظة التكريم كانت مؤثرة، خصوصا بعد عرض شريط يوثق لمسيرته وأثر التجربة الهندية عليه.
خلال الحفل، تم الإعلان عن الأفلام المشاركة في المسابقات الرسمية، والتي تشمل 15 عملا بين الطويل والقصير، إلى جانب تقديم أعضاء لجان التحكيم من نقاد ومبدعين من شتى بقاع إفريقيا، ما منح المهرجان بعدا قاريا حقيقيا يتجاوز الطابع المحلي. واختتم الحفل بعرض مشترك بين فرقة “عبيدات الرمى” وفرقة “بالي إفريقيا”، في مشهد جمع بين التراث المغربي والإيقاع الإفريقي، ليكون بمثابة ختام احتفالي يعكس روح التلاقي والانتماء



