بقلم: مصطفى بنفاتح – كاتب راي المواطن 24
في جلسة القراءة الثانية لمشروع قانون المسطرة الجنائية، صوّت لصالح النص 62 نائبًا فقط من أصل 395، توزعوا بين 47 من الأغلبية و15 من المعارضة، فيما غاب عن الجلسة ما مجموعه 333 نائبًا ونائبة
. هذا الرقم الصادم لا يعكس فقط خللًا في الالتزام بالواجب التشريعي، بل يبعث برسائل سلبية للرأي العام حول مدى جدية المؤسسة البرلمانية في الاضطلاع بدورها الدستوري، خاصة عندما يتعلق الأمر بمشروع قانون يمسّ جوهر العدالة الجنائية وضمانات المحاكمة العادلة للمواطنين
. من المؤسف أن بعض ممثلي الأمة آثروا الانشغال بعطلهم الخاصة بدل الحضور لمناقشة نص قانوني بهذه الأهمية. والأسف لا يقل حدة حين نلاحظ صمت عدد من المنابر الإعلامية، التي كان من المفترض أن تضطلع بدورها في تتبع هذا الغياب، وتسليط الضوء عليه باعتباره مؤشرًا مقلقًا على تراجع منسوب المراقبة والمساءلة.
إن مسؤولية إعادة الاعتبار للمؤسسة التشريعية، وتكريس ثقافة الحضور والمحاسبة، لا تقع فقط على النواب، بل تشمل كذلك الصحافة الحرة والمجتمع المدني والرأي العام. فلا يمكن تحقيق دولة القانون والمؤسسات دون نواب يتحملون مسؤولياتهم، وإعلام ينهض بدوره في كشف مكامن الخلل
. ولهذا، فإننا ندعو رئاسة مجلس النواب إلى نشر اللائحة الكاملة بأسماء النواب والنائبات الذين تغيبوا عن جلسة التصويت، وتمكين المواطنين من الحق في الاطلاع والمساءلة، كل من موقعه. كما نهيب بالصحافة الجادة والمستقلة أن تضع مثل هذه الملفات في صلب اهتمامها، بدل الانشغال بما لا ينفع. فالمحاسبة تبدأ بالوضوح، والوضوح يبدأ بنشر الأسماء.



