المواطن 24… اخبار مغاربة العالم.مكتب جهة درعة تافيلالت للجريدة
. تشهد المملكة المغربية هذا الصيف تحولاً مقلقًا في أعداد مغاربة المهجر العائدين لقضاء عطلتهم السنوية
. فبدلًا من أن تكون فترة انتعاش سياحي وعائلي، باتت هذه العودة تشهد تراجعًا ملحوظًا، مدفوعة بحالة من الإحباط المتزايد وسط الجالية بسبب غلاء المعيشة، والغياب التام لأي إجراءات تشجيعية حقيقية تلامس واقعهم.
ويعكس هذا الوضع حالة من القلق العميق لدى الفاعلين في القطاع السياحي. يؤكد محمد تخشي، رئيس المجلس الجهوي للسياحة بدرعة تافيلالت، أن “الوضع مقلق، والوجهة المغربية بدأت تفقد جاذبيتها لدى أبنائها بالخارج
. ويضيف تخشي بوضوح أن جملة من العوامل تضافرت لتشكل هذا التراجع، أبرزها “الارتفاع الصاروخي في أسعار الفنادق، وغياب عروض موجهة خصيصًا للجالية، واعتبار مغاربة المهجر كـ’سياح أجانب’ في الفوترة والتعامل”. هذه العوامل مجتمعة، كما يشير، ساهمت بشكل مباشر في تراجع الإقبال. وعلى الرغم من الخطاب الرسمي المتواصل الذي يشدد على ضرورة تعزيز العلاقة بين مغاربة العالم ووطنهم الأم، فإن الواقع يكشف عن تناقض صارخ. فالكثير من أفراد الجالية يواجهون معاملة مزدوجة عند ولوجهم للمؤسسات السياحية؛ حيث تُطبق عليهم أسعار مضاعفة مقارنة بالسياح المحليين.
هذا التمييز لا يراعي حقيقة أنهم مواطنون مغاربة قبل أن يكونوا مقيمين بالخارج، مما يثير استياءً واسعًا ويُفقد الجالية شعورهم بالانتماء الكامل عند عودتهم لوطنهم. وتتوالى الشكاوى من ارتفاع تعريفة الإقامة في الفنادق، التي تجاوزت في بعض المدن السياحية الكبرى والمتوسطة قدرة الأسر المهاجرة، خاصة تلك التي تسافر بأعداد كبيرة.
هذا الأمر يدفع بالكثيرين إلى إعادة التفكير في وجهات بديلة لقضاء عطلتهم السنوية. ولا تقتصر تداعيات هذا الوضع على الجانب الرمزي أو النفسي فحسب، بل تمتد لتشمل الجانب الاقتصادي بشكل مباشر. يرى الفاعلون في القطاع السياحي أن هذه الوضعية “مؤسفة”، كونها تُفقد الاقتصاد الوطني فرصًا مهمة لضخ السيولة ودعم التشغيل.
كما أنها تحرم البلاد من ترويج المنتوج السياحي الداخلي، لا سيما في الجهات التي تعاني أصلًا من هشاشة اقتصادية، كجهة درعة تافيلالت
. ويختتم محمد تخشي تصريحه برسالة واضحة: “لا يُعقل أن نُطلق الخطابات حول مغاربة العالم كل سنة، ثم نتركهم يواجهون واقعًا من الاستغلال واللامبالاة… نحتاج إلى سياسة واضحة المعالم، تضع الجالية في قلب الاستراتيجية السياحية الوطنية، وتُعيد لها الاعتبار كمكون رئيسي في التنمية”
إن هذا التراجع في أعداد مغاربة المهجر الصيف الحالي يدق ناقوس الخطر، ويدعو إلى مراجعة شاملة لآليات التعامل مع هذه الشريحة المهمة من المجتمع، بما يضمن استعادة ثقتهم وجاذبية وطنهم الأم في أعينهم.



