– جريدة المواطن 24- المراسل خليل لغنيمي
من الجديدة – في عزّ موسم الاصطياف، شهري يوليوز وغشت 2025 وأمام التوقعات المتفائلة التي كانت تعوّل عليها وزارة السياحة لإنعاش السياحة الداخلية، جاء الواقع صادمًا ومُخيّبًا للآمال.
فقد شكّلت الأسعار الفاحشة وغير المبررة في مختلف الوجهات السياحية المغربية، عاملاً حاسمًا في تراجع الإقبال الداخلي بشكل غير مسبوق. من كراء الشقق والفنادق، إلى أسعار المطاعم والمقاهي، مرورًا بتكاليف ال
تنقل والترفيه، وجد المواطن المغربي نفسه أمام ارتفاع جنوني في الأسعار، تجاوز في كثير من الأحيان قدرته الشرائية، بل وحتى حدود المنطق.
فكيف يمكن لأسرة متوسطة الدخل أن تتحمّل 1000 درهم لليلة واحدة في شقة متواضعة، أو 300 درهم لوجبة بسيطة في مطعم شعبي؟ هل نحن اليوم امام سياحة النخبة هذا الوضع دفع شريحة واسعة من المواطنين إلى إلغاء برامج عطلتهم، أو الاكتفاء بالخروج المؤقت إلى أماكن قريبة ومجانية، إن وُجدت.
وتحولت السياحة الداخلية إلى نشاط خاص بـ”النخبة القادرة على الدفع”، في حين تمّ إقصاء الأغلبية من حقها في الاستجمام والراحة
. ويؤكد عدد من المواطنين في تصريحات متفرقة أن “الاستغلال الفاضح لحاجيات الناس من طرف المهنيين في القطاع، دون حسيب أو رقيب، جعل العطلة الصيفية حلماً مستحيلاً”، مشيرين إلى غياب تام للمراقبة وتراخي السلطات في حماية المستهلك.
أين الحكومة؟ وأين وزارة السياحة؟ في الوقت الذي كان يُفترض أن تتدخل الجهات المعنية لضبط الأسعار وضمان عدالة الاستفادة من العرض السياحي، ساد الصمت الرسمي، وغابت أي إجراءات عملية لضبط السوق أو مراقبة الفوترة، بل تم ترك المواطن فريسة للمضاربين والمتاجرين في
الخدمات. ويبدو أن وزارة السياحة، رغم كل الحملات الترويجية، فشلت في كسب ثقة المواطن، الذي يرى أن الدعم الحقيقي للسياحة يجب أن يبدأ من تنظيم السوق الداخلي، وتحديد أسعار منطقية، وتشجيع الجودة بأسعار عادلة، بدل الاكتفاء بالشعارات.
ان حقيقة السياحة اليوم هي حق اجتماعي وليست سياحة الرفاهية ا إن استمرار هذا الوضع يطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل السياحة الداخلية بالمغرب، والتي يُفترض أن تكون دعامة للاقتصاد
الوطني، ووسيلة للعدالة المجالية، وفرصة لتحريك عجلة الاستثمار المحلي. لكن ما يحدث على الأرض يؤكد أن السياحة تحوّلت إلى قطاع ريعي مغلق، بعيد عن العدالة الاجتماعية والمجالية. إن
الأسعار الفاحشة لا تضر فقط بالمواطن، بل تجهز على كل جهود الدولة في تشجيع السياحة المحلية، وتدفع بالمغاربة إلى الهروب نحو بدائل أخرى، سواء بالبقاء في المنازل، أو السفر خارج البلاد حين يكون ذلك أرخص. ختامًا، لا بد من إرادة سياسية حقيقية، وتدخل عاجل من الجهات الوصية، لإعادة التوازن إلى المشهد السياحي الوطني، وضمان حق كل مواطن مغربي في الاستفادة من ثروات بلاده دون استغلال أو ابتزاز.



