جريدةالمواطن24 المراسل الصحفي خليل لغنيم

تعيش مديرية التعليم بإقليم الجديدة هذه الأيام على إيقاع احتقان غير مسبوق، بعدما تحول الدخول المدرسي لهذه السنة إلى مرآة عاكسة للاختلالات البنيوية التي تنخر القطاع منذ سنوات. فبين نقص فادح في الكتب المدرسية، وارتباك واضح في توزيع الأطر والموارد، وغليان نقابي يهدد الاستقرار التربوي، يبدو أن الوضع خرج عن السيطرة.
الدخول المدرسي الذي كان من المفترض أن يكون محطة انطلاقة جديدة نحو الإصلاح التربوي المنشود، انقلب إلى انتكاسة مقلقة بسبب فشل المشروع الذي رُوّج له كثيرًا تحت مسمى “المدرسة الرائدة”. هذا المشروع، الذي كان من المفترض أن يفتح آفاق التميز والجودة، تحول بإقليم الجديدة إلى نموذج للفوضى وضعف الحكامة، في ظل غياب الرؤية وتراكم الأخطاء الإدارية والتنظيمية.
وفي الوقت الذي يعاني فيه التلاميذ من غياب الكتب والوسائل التعليمية، يعيش نساء ورجال التعليم حالة من الإحباط والتذمر بسبب ما وصفوه بـ “الاستهتار بالمسؤولية” من طرف بعض الجهات المدبرة، وعدم التعامل الجدي مع ملفات الطعون والشكايات التي بقيت حبيسة الأدراج، دون أي بحث أو تتبع من طرف المسؤول الإقليمي عن القطاع.
وتؤكد مصادر نقابية أن مديرية التعليم بالجديدة أضحت ساحة توتر مفتوحة، بعد أن قررت النقابة الوطنية للتعليم (ف.د.ش) خوض اعتصام احتجاجي أمام مقر المديرية، للتنديد بما تعتبره “تدبيرًا عشوائيًا وإقصائيًا” يضرب في العمق مبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص، مطالبة بفتح حوار جدي ومسؤول يعيد الثقة بين الإدارة ومكونات المنظومة التعليمية.
ويجمع متتبعو الشأن التعليمي بالإقليم على أن الوضع الحالي لا يليق بقطاع حيوي مثل التعليم، وأن استمرار حالة الفوضى وسوء التدبير قد تُجهِز على ما تبقى من مصداقية الإصلاحات المعلنة. كما دعوا الأكاديمية الجهوية والوزارة الوصية إلى التدخل العاجل لإنقاذ الموسم الدراسي وضمان انطلاقة تربوية سليمة تحفظ حق التلميذ في تعليم كريم، وحق الأستاذ في كرامة مهنية مستحقة.
في النهاية، يبدو أن الوقت قد حان لمساءلة المسؤوليات وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، لأن المدرسة المغربية لا تحتمل مزيدًا من التجارب الفاشلة ولا مزيدًا من الصمت أمام الاختلالات. فالتعليم ليس ملفًا عاديا، بل قضية وطنية تستحق أن تُدار بعقلانية، كفاءة، وضمير حي.



