المواطن24
حين تصنع الإرادة الطريق.. شباب “أولاد زقاق” يحوّلون اليأس إلى ممرّ للأمل
في دوار أولاد زقاق بمركز كيسر، إقليم سطات، لا توجد شركات تعبيد، ولا جرافات جماعية، ولا لجان تقنية تلتقط الصور لملفات دعمٍ منسية. هنا، الطريق تُسوى بالأيادي، لا بالصفقات.
مع بداية فصل الشتاء، حين تتحول الأرض إلى طينٍ عميق والممرات إلى فخاخٍ من الوحل، قرر شباب الدوار أن لا ينتظروا أحدًا. جمعوا ما توفر من أدوات: مجرفة، “كريسة”، تربة حمراء جابوها من جنان قريب، وموتور ثلاثي العجلات صار عندهم كأنه “شاحنة التنمية”. بدأوا العمل منذ الصباح، وكل واحد فيهم عنده هدف بسيط: يقدر الإنسان يدوز، يقدر الطفل يمشي للمدرسة بلا ما يغوص في الطين.
هؤلاء الشباب ما دروش حملة انتخابية، وما طلبوش شكرًا من أحد. خدمو بصمت، بنية صافية. واحد يجيب التراب، الآخر يسويه، والثالث يرش الماء باش الطريق تتماسك شوية. مشهد بسيط… لكنه أقوى من ألف خطاب سياسي.
من بعيد، تشوف غبرة صغيرة ترتفع في السماء، تظنها ورشًا تابعًا للجماعة… لكنها الحقيقة “ورش ديال الهمّة الشعبية”. الناس عيّاو من الانتظار، من الوعود المتكررة، من “الطريق جاية العام الجاي”. فقالوا: إلى ما خدمتناش حنا، غادي نبقاو نحلمو حتى يجي الوحل ويعزلنا على العالم.
الطريق ديال أولاد زقاق اليوم ماشي فقط طريق ترابية، بل رمز.
رمز لقدرة الإنسان القروي على تحويل الغضب إلى عمل، واليأس إلى مجهود جماعي. رمز لكرامةٍ لا تنكسر رغم التهميش.
ومهما كانت الأدوات بدائية، فالنتيجة عظيمة: ممر نظيف، بسيط، لكنه يحمل عرق الناس ودموعهم. بينما المسؤولون ينامون على وعودهم، المواطن يشتغل بصبره وإيمانه. في النهاية، الطريق التي “تسوبها الساكنة” تكون أكثر صدقًا من تلك التي “تسوبها الصفقات”.
فهنيئًا لدوار أولاد زقاق بشبابه، لأنهم فهموا أن الطريق لا تأتي من المكاتب، بل من القلب.


