[success]المواطن24[/success]
بدأت الدول الإفريقية القليلة التي لا تزال تدعم البوليساريو في مراجعة مواقفها. آخر حلقة في هذا المسلسل: إثيوبيا التي أبلغت الرئيس المزعوم لديبلوماسية البوليساريو أنها ملتزمة الآن بالعملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة وحدها لحل قضية الصحراء. ولى الزمن الذي كانت تقوم فيه وزارة الخارجية الإثيوبية في السنوات الأخيرة بتدبيج بيانات صحفية تؤكد فيها دعم بلادها الكامل للنزعة الانفصالية التي تدعو إليها “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية” الوهمية. فقد فوجئ مبعوث البوليساريو، الذي استقبله وزير الخارجية الإثيوبي في أديس أبابا، الخميس الماضي، بتغير في اللهجة في هذا البلد، الذي حتى ذلك الوقت من بين الدول القليلة التي تؤيد الانفصاليين. في ذلك اليوم، 11 مارس 2021، وجه نائب رئيس الوزراء الإثيوبي ووزير الخارجية، ديميكي ميكونين، ضربة قوية لجبهة البوليساريو. فخلال استقباله في أديس أبابا، لمحمد سالم ولد السالك، الرئيس المزعوم لدبلوماسية في “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية” الشبحية، الذي كان يحمل رسالة من إبراهيم غالي، رئيس جبهة البوليساريو الانفصالية، أوضح ديميكي ميكونين لمحاوره بوضوح أن قضية الصحراء أصبحت الآن بين يدي الأمم المتحدة، وهو ما يعني أنه من الضروري احترام الشرعية كما حددها الاتحاد الإفريقي في عام 2018. ووفقا لوسيلتين إعلاميتين إثيوبيتين (waltainfo وFana BC)، أكد ديميكي ميكونين “أن إثيوبيا كانت دائمًا ثابتة في دعمها لحل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين، وفقا لمبادئ وأهداف القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي وميثاق الأمم المتحدة”. وعلى الرغم من أن رئيس الدبلوماسية الإثيوبية لم يذكر قضية الصحراء بالاسم، إلا أن مبعوث البوليساريو قد فهم بما فيه الكفاية أن إثيوبيا، التي اعترفت بالانفصاليين لعدة سنوات، والتي تستضيف ما يسمى بـ”سفارتهم”، هي بصدد تغيير موقفها من الصحراء المغربية. يعتبر هذا التغيير في اللهجة أكثر أهمية حيث كانت إثيوبيا تعتبر حتى هذا الوقت من قبل البوليساريو حليفها الدبلوماسي الرئيسي، فأديس أبابا هي مقر الاتحاد الإفريقي، المنظمة الإقليمية الوحيدة في العالم الذي تمكنت البوليساريو من أن تصبح “عضوا” فيها. وبهذه الصفة جاء مبعوث البوليساريو لطلب الدعم في “عاصمة إفريقيا” للمطالبة بعودة افتراضية لقضية الصحراء إلى الاتحاد الإفريقي. لكن دون الأخذ بعين الاعتبار أنه منذ عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، بدأت الدول الإفريقية تدرك حقيقة “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية” التي ما في آخر المطاف إلا خدمة وكيان وهمي أوجده هواري بومدين ومعمر القذافي، وهو الكيان الذي لا يدين بوجوده إلا إلى الدعم المالي والعسكري والدبلوماسي لنظام الجزائر. إثيوبيا هي خير مثال على هذا الوعي، من خلال قرار لا لبس فيه يحترم الشرعبية، وهو القرار الذي أخرس وسائل الإعلام الجزائرية الرسمية. فهذه الأخيرة أبطأت في نقل تفاصيل هذه المقابلة، قبل أن تقرر وكالة الأنباء الجزائرية، بعد يومين، نشر قصاصة تقول فيها بأن المحادثات بين ولد السالك والإثيوبيين “ركزت على الوضع الإقليمي والدولي (…)، رحب الطرفان بالعلاقات الثنائية الممتازة والتاريخية، معربين عن استعدادهم لتطويرها في خدمة الشعبين والبلدين”. ولم تشر وكالة الأنباء الجزائرية في أي وقت من الأوقات إلى التصريحات الصادمة لوزير الخارجية الإثيوبي. بل إن هذه الوكالة الرسمية الجزائرية ذهبت بعيدا في تضليلها، عندما اتخذت موقعا انفصاليا تابعا للبوليساريو كمصدر لها. ومع ذلك، حتى مع الاعتماد على هذه الوسيلة الإعلامية المزيفة، لم نجد أي أثر لهذا الاجتماع الذي انعقد فعلا في أديس أبابا، ولكن خلاصاتها شكلت صدمة كبيرة لهذه المواقع الانفصالية التي اختارت تجاهله. إن هذا التغيير الجذري في موقف دولة كانت تؤيد في السابق جبهة البوليساريو هو ثاني نكسة دبلوماسية كبرى سجلتها الجزائر والبوليساريو في نفس الأسبوع. يأتي ذلك بالفعل بعد يومين فقط من فشل مناوراتهما خلال اجتماع لجنة السلام والأمن التابعة للاتحاد الإفريقي، يوم 9 مارس، بينما فشلت الجزائر في هذا الاجتماع (عبر الفيديو)، إذ تمكنت فقط من جمع أربع رؤساء دول إفريقية فقط التي ما زالت تدعم انفصاليي البوليساريو. خلال هذا الاجتماع، الذي كان في حقيقة الأمر مناورة دبلوماسية، كان وزراء خارجية الدول المشاركة الأخرى هم الذين ذكروا رؤساء دول الجزائر وكينيا وجنوب إفريقيا وموزمبيق بأن مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي غير مخول لتدارس قضية الصحراء. وجاء نفس التذكير على لسان رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فقي محمد، الذي اعتبر اجتماع مجلس السلم والأمن هذا غير قانوني. وبحسبه، فهذا الاجتماع ينتهك قرار الاتحاد الإفريقي رقم 693، الذي اتخذه بالإجماع رؤساء الدول الإفريقية في يوليوز 2018 في قمة نواكشوط، والذي بموجبه يكون للأمم المتحدة الحق الحصري في النظر في ملف الصحراء. قرار الاتحاد الإفريقي رقم 693 سيكون في نهاية المطاف هو المحدد لسياسة الرئيس الجديد لمجلس السلم والأمن، النيجيري بانكول أديوي، الذي تولى منصبه رسميا يوم الجمعة 12 مارس، وبالتالي وضع حدا لخداع ومناورات جزائري آخر، اسمه إسماعيل شرقي. سيعود هذا الأخير إلى بلاده محطما ويائسا ومذلا. في الاتحاد الإفريقي، “الزبال”، وهو اللقب الذي يطلق على هذا الجزائري داخل أروقة الاتحاد الإفريقي، لم يحظ حتى بحفل وداع.