[success]المواطن24-متابعة[/success]
تقاطرت عبارات الثناء ورسائل التهنئة على مكتب فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، عقب انتخابه في عضوية مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، على هامش أشغال الجمعية العمومية الـ 43 للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم “كاف”، التي انعقدت، الجمعة الماضي، بأحد فنادق العاصمة المغربية الرباط.
عضوية مجلس الـ FIFA، ما هو إلا “الكرز فوق الكعكة” كما يقول المثل الفرنسي، لأنه امتداد لعدة انتصارات حملها معه لقجع للمغرب، رياضيا كما سياسيا، حيث لم يقتصر دور لقجع على صفة المؤتمر، كما هو حال عامة ممثلي جل الاتحادات الكروية القارية، وإنما ظل المسؤول المغربي مهندس التحالفات وأمين جلسات التوافقات، كما صاحب الختم النهائي على ما سمي بـ “بروتوكول الرباط”.
تشريح مسار لقجع في التسيير داخل الكرة الإفريقية، وإن طبعته بعض الهزات، كما هو ملف نهائي “رادس”، حين اعتبره البعض مسؤولا عن خسارة الوداد لقضيته العادلة، وما ترتب عن ذلك من حملات تنتقده في كثير من الملفات، إلا أنه لن يختلف اثنان أن المسؤول المغربي خرج “نظيفا” من الزوبعة.. كيف لا وشبهات الفساد أسقطت رؤوسا كانت تتقاسم معه التسيير داخل الـCAF، في مقدمتها الملغاشي أحمد أحمد، الرئيس الأسبق.
لم يذكر اسمه في تسريبات القاهرة والمستفيدين من “العمرة” الشهيرة، كما لم يعترض أحد من داخل القارة الإفريقية على تقاريره المالية، بصفته المدير المالي داخل الـ CAF، ولا عن تحركاته لإنجاح محطة 12 مارس، بعيدا بأكثر قدر ممكن عن صراع الاقتراع وأقرب للتوافق على توزيع المناصب، فكان له ما أراد، تاركا المجال أمام الكرة الإفريقية لتفتح صفحة جديدة تحت إمرة الجنوب إفريقي باتريس موتسيبي.
من تعديل قانون “مزدوجي الجنسية” في الـ FIFA، مرورا بالأوراش الكروية الكبرى، إلى غاية تحصين مصالح المغرب السياسية من منصة الـCAF، هل أجاد لقجع تدبير مسؤولياته الرياضية كما يجيد حساباته المالية من مكتبه مديرا لميزانية الدولة؟
الـ FIFA تهنئ لقجع.. بالإجماع !
هنأ السويسري جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، نظيره السيد فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، بعد انتخابه في مجلس الإتحاد الدولي لكرة القدم، على هامش الجمعية العمومية للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم الـ 43 التي أقيمت بمدينة الرباط.
وقال رئيس الإتحاد الدولي لكرة القدم، في رسالة وجهها إلى رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، إنه “ليس لدي أدنى شك أن تجربتكم ومعرفتكم في تدبير الشأن الكروي والرياضي، ناهيك عن شغفكم، والإجماع حولكم، وميزة شخصيتكم، ستساعدكم على رفع كل التحديات المستقبلية في خدمة كرة القدم العالمية”.
وأكد رئيس الإتحاد الدولي لكرة القدم، في الرسالة ذاتها “أنا مقتنع اكثر بعضويتكم في مجلس الاتحاد الدولي، أنكم ستساهمون في تدبير الشأن الكروي العالمي، خصوصا في استمرارية تطوير رياضتنا”، مردفا “أتطلع إلى العمل معكم بالفعل في اجتماع مجلس الإتحاد الدولي لكرة القدم المقبل الذي سيعقد عبر تقنية المناظرة المرئية يوم الجمعة 19 مارس المقبل”
واختتم جياني إنفانتينو، رسالته “أتمنى لكم التوفيق والشجاعة والنجاح في كل التحديات التي ستواجهك في مهمتك الجديدة”.
تهنئة انفانتينو، وإن كانت تدخل ضمن “بروتوكول” عادي، إلا أنها تلخص حجم الاحترام الذي أضحى بحظى به المسؤول المروي المغربي لدى أعلى جهاز كروي، وذلك امتداد لسنوات من العمل الدؤوب في تسيير الشأن الكروي المحلي كما القاري، جعل من لقجع ينال رضا الـ FIFA ليكون قوة اقتراحية جديدة ضمن منظومتها.
قانون الحدادي.. انتصار لقجع في “كونغرس” الـ FIFA
فصول القضية تعود إلى سنة 2018، حين حاولت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، تسوية مشكل المهاجم منير الحدادي، من أجل إمكانية حمل الأخير قميص “الأسود” في نهائيات كأس العالم بروسيا، حيث لجأت الـFRMF إلى محكمة التحكيم الرياضية من أجل المطالبة بجواز سفره الرياضي أو تعديل بعض البنود في القانون الذي يحول دون إمكانية اللاعب في الدفاع عن القميص الوطني، إلا أن الهيئة السويسرية “علقت” الملف.
فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، لم يستسلم، نزل بثقله، مستغلا علاقاته الدولية، حيث ترافع أمام “كونغرس” الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، الذي انعقد، في شتنبر الماضي، استثناءا، عبر تقنية التواصل عن بعد “Visioconférence”، مدافعا عن موقفه من تغيير قانون اللاعبين “مزدوجي الجنسية” وتمثيليتهم لمنتخبات بلدان نشأتهم، الذي ظل ساري المفعول منذ الجمعية العمومية المنعقدة في الباهاماس سنة 2009.
فوزي لقجع، النائب الأول لرئيس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، أنذلك، تبنى موقف عدد كبير من الاتحادات القارية، التي ترى في تعديل القانون السالف الذكر ضرورة من أجل الدفاع عن بعض اللاعبين ممن حكمت عليهم المشاركة لبضع دقائق مع منتخبات بلد نشأتهم من حمل الجواز الرياضي لوطن الجذور.
وبعد أن صادقت الجمعية العمومية ال70 للاتحاد الدولي “فيفا”، على تعديل القانون موضوع الجدل، انتظر منير الحدادي، مهاجم فريق إشبيلية الإسباني، انفراج أزمته التي دامت لسنوات، حيث ضاق ذرعا من انتظار تسوية مشكله القائم منذ مباراته الشهيرة أمام مقدونيا، في شتنبر 2014، برسم تصفيات “يورو2016″، حيث لم يتم الاعتماد عليه داخل المنتخب الإسباني الأول، منذئذ، كما تعارض الفصل القانوني مع رغبة اللاعب في حمل قميص المنتخب المغربي، قبل أن يحصل على الضوء الأخضر، ليكون حاضرا خلال الاستحقاقات القادمة، داخل تركبة الناخب الوطني، البوسني وحيد خليلهودزيتش.
مهندس قانون “عضوية الأمم المتحدة” داخل الـ CAF
لم يهنأ بال فوزي لقجع، رغم نهاية ولاية الملغاشي أحمد أحمد على رأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، إلا بعد تعديل أحد البنود الحساسة في النظام الأساسي للجهاز الكروي القاري، المتعلقة بشروط عضوية هذا الأخير، إذ صادقت الجمعية العمومية الـ43، المنعقدة بالعاصمة المغربية الرباط، الجمعة المنصرم، على ربط الانخراط داخل منظومة الـCAF بالعضوية داخل منظمة الأمم المتحدة.
في ظاهره، كان يبدو تعديلا عاديا كما ذلك الذي يهم الرفع من عدد نواب رئيس، حيث مر بسلاسة، بعد التصويت عليه بالإجماع، أمام أنظار الجزائر وجنوب إفريقيا، رغم أن تفاصيله التي توصل بها أعضاء الجمعية العمومية، تحمل في طياتها دلالات سياسية أكثر منها رياضية، إذ أن “مهندس” الاقتراح صد الباب، ضمنيا، أمام جمهورية وهمية مثل “البوليساريو”، على سبيل الذكر وليس الحصر، من أجل الانخراط ضمن عضوية الـCAF.
فوزي لقجع، حقق انتصارا للديبلومساية المغربية، عن طريق المنتظم الكروي القاري، كما أنه ترك انطباعا أن الأمور ما زالت “تحت السيطرة”، رغم نهاية عهد “صديقه” أحمد أحمد وبداية جيل جديد، بقيادة الجنوب إفريقي باتريس موتسيبي، الأخير الذي كان صعوده للتربع على عرش الكرة الإفريقية، لا يبعث بالاطمئنان، خاصة في ظل العداء “السياسي- الرياضي” بين بريتوريا والرباط.
حنكة رئيس جامعة الكرة في تدبير الأمور وتغليب المصلحة العليا للمغرب، جعلاه، يشرف على المرحلة الانتقالية بين أحمد أحمد وموتسيبي، وفق “بروتوكول الرباط”، بمباركة جياني انفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي “فيفا”، الأخير الذي أسند مهمة “توحيد الكرة الإفريقية” إلى فوزي لقجع، فتحولت محطة انتخابات 12 مارس، إلى توزيع للأدوار والمسؤوليات، بعيدا عن صنادق الاقتراع وفرز الأصوات.
لقجع، وبعد أن أنجح محطة الجمعية العمومية الـ 43، التي احتضنتها الرباط، اعتذر عن تولي مهام النائب الرابع لرئيس الـCAF الجديد، ليخرج من “الباب الكبير” ويحتفظ بمكتسب عضوية مجلس الـ FIFA، تاركا الأصدقاء كما الأعداء يقفون للتصفيق على المسؤول الرياضي المغربي وكيفية إدارته.
حماية مصالح المغرب “السياسية” بقبعة المسؤول “الرياضي”..
خلف “الكوستيم” الأزرق للمسؤول داخل الـCAF، فإن فوزي لقجع هو نفسه رجل الدولة وخديم أعتابها الشريفة، كما هو إمضاؤه على برقية الولاء، عقب انتخابه رئيسا للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، قبل سبع سنوات، وما تنفيذه لتوجهات مؤسساتها إلا ترجمة للصلاحيات التي يملكها، بعيدا عن قبعة “الرياضي” الخدوم لمصلحة كرة القدم الوطنية داخل القارة الإفريقية.
تقرب لقجع من أعلى هرم الكرة العالمية، في شخص رئيسها جياني انفانتينو، فرض احترام الأخير للمملكة المغربية، في كل خرجاته، كما اظطر السويسري للجلوس على طاولة الحوار، إلى جانب ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، حيث تم وضع جميع الخطوط الحمراء في هذا الباب، والاتفاق على الممكن والغير ممكن إن أرادت جنوب إفريقيا أن تدعم المملكة المغربية مرشحها للفوز برئاسة الـ”كاف”.
خطوط المغرب “الحمراء”، قدّم بشأنها رئيس الـ”فيفا” كل الضمانات لوزير الخارجية المغربية، كما تم تسييج هذه الضمانات ببند تتم المصادقة عليه أثناء الجمعية العمومية الأخيرة للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم “كاف”، يؤكد أن “الدول الراغبة في العضوية ضمن الجهاز القاري لكرة القدم، ملزمة بأن تكون عضوا في منظمة الأمم المتحدة”، وهو ما لا يتوفر لدى جبهة البوليساريو، مصدر كل هذه “الحرب الطاحنة” التي دارت بين جنوب إفريقيا والجزائر من جهة والمغرب من جهة أخرى الذي خرج من خلالها منتصرا بتغييرها لقوانين الكاف وسد الباب على أي تأويل قانوني لذلك في المستقبل.
ولعل التقارب الحاصل بين لقجع وموتسيبي، الرئيس الحالي لـ”الكاف”، من خلال تصريحات “رمي الورود” التي تمت بين الرجلين، أمام أنظار العالم، (هذا التقارب) قد يكون من البذور المرزوعة في علاقة المغرب وجنوب إفريقيا، لاسيما في ظل الحركية التي تعرفها “الديبلومساية” المغربية، خاصة في ظل قبول عدة دول إفريقية لفتح قنصليات لها بالأقاليم الجنوبية للمملكة، فاق عددها العشرين، سواء في مدينة الداخلة أو العيون.
وصول لقجع إلى مركز القرار داخل الـFIFA، من شأنه أن يجعل من المسؤول الرياضي سفيرا “فرق العادة” للمغرب داخل المنتظم الدولي، بالنظر لشبكة العلاقات والبعد “الديبلومساي” الذي يقترن بمقعد عضوية مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم، الأخير الذي كان ينعم به الجزائري محمد راوراوة، منذ انتخابه سنة 2011.